كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 72 """"""
فطلب عبد الملك الجحاف فهرب إلى الروم ، فكان يتردد فيها ، ثم بعث إلى بطانة عبد الملك من قيس ، فطلبوا له الأمان ، فأمنه عبد الملك ، فلما جاء ألزمه ديات من قتل ، وأخذ منه الكفلاء ، فسعى فيها حتى جمعها وأعطاها ، ثم تنسك الجحاف بعد ، وصلح ، ومضى حاجاً فتعلف بأستار الكعبة ، وجعل يقول : اللهم اغفر لي ، وما أظنك تفعل فسمعه محمد ابن الحنفية ، فقال : يا شيخ ، قنوطك شر من ذنبك .
وقيل : كان سبب عود الجحاف أن ملك الروم أكرمه وقربه وعرض عليه النصرانية ، ويعطيه ما شاء ، فامتنع ، وقال : ما أتيتك غبة عن الإسلام .
ثم هزم الجحاف صائفة المسلمين ، فأخبروا عبد الملك أن الذي هزمهم الجحاف ، فأرسل إليه عبد الملك ، فأمنه ، فسار في بلاد الروم ، وقصد البشر وبه حي من تغلب وقد لبس أكفانه ، وقال : قد جئت إليكم أعطى القود من نفسي ، فأراد شبابهم قتله ، فنهاهم شيوخهم ، وعفوا عنه ، فحج ، فسمعه عبد الله بن عمر وهو يطوف ويقول : اللهم اغفر لي وما أظنك تفعل فقال ابن عمر رضي الله عنهما : لو كنت الجحاف مازدت على هذا . قال : فأنا الجحاف .
ذكر مسير عبد الملك بن مروان إلى العراق قتل مصعب بن الزبير واستيلاء عبد الملك على العراق
وفي جمادي الآخرة سنة إحدى وسبعين كان مقتل مصعب بن الزبير بن العوام واستيلاء عبد الملك على العراق ؛ وسبب ذلك أن عبد الملك بن مروان لما قتل عمروا بن سعيد كما تقدم وضع السيف على من خالفه ، فصفا له الشام ، فلما لم يبق له بالشام مخالف أجمع المسير إلى مصعب بن الزبير بالعراق ، فاستشار أصحابه في ذلك ، فأشار عليه عمه يحيى بن الحكم أن يقنع بالشام ويترك ابن الزبير والعراق ، فكان عبد الملك يقول : من أراد صواب الرأي فليخالف يحيى . وأشار بعضهم أن يؤخر السير هذا العام ، وأشار محمد بن مروان أن يقيم ويبعث بعض أهله ، ويمده بالجنود . فأبى إلا المسير . فلما عزم على المسير ودع زوجته عاتكة بنت يزيد بن