كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 74 """"""
قال : فأوقرهم حديداً ، وابعث بهم إلى أبيض كسرى ، واحبسهم هنالك ، ووكل بهم من إن غلبت وتفرقت عشائرهم عنك ضرب رقابهم ، وإن ظهرت مننت على عشائرهم بإطلاقهم . فقال : إني لفي شغل عن ذلك .
ولما قرب العسكران بعث عبد الملك إلى مصعب يقول : دع الدعاء لأخيك ، وأدع الدعاء إلى نفسي ، ونجعل الأمر شورى . فأبى مصعب إلا السيف . فقدم عبد الملك أخاه محمداً . وقدم المصعب إبراهيم بن الأشتر ، فالتقيا ، فتناوش الفريقان ، فقتل صاحب لواء محمد ، وجعل مصعب يمد إبراهيم ، فأزال محمد بن مروان عن موقفه ، فوجه عبد الملك عبد الله بن يزيد إلى أخيه محمد ، فاشتد القتال ، فقتل مسلم بن عمرو الباهلي والد قتيبة ، وهو في أصحاب مصعب ، وأمد مصعب إبراهيم بعتاب بن ورقاء ؛ فساء ذلك إبراهيم ، واسترجع ، وقال : قد قلت له : لا يمدني بعتاب وضربائه . وكان عتاب قد كاتب عبد الملك وبايعه ، فانهزم عتاب بالناس وصبر ابن الأشتر ، وقاتل حتى قتل ، قتله عبيد بن ميسرة مولى بني عذرة ، وحمل رأسه إلى عبد الملك .
وتقدم أهل الشام فقاتلهم مصعب ، وقال لقطن بن عبد الله الحارثي : قدم خيلك أبا عثمان . فقال : أكره أن تقتل مذحج في غير شيء . فقال لحجار بن أبجر : أبا أسيد : قدم خيلك . فقال : إلى هؤلاء الأنتان قال : ما نتأخر إليه أنتن .
وقال لمحمد بن عبد الرحمن بن سعيد : قدم خيلك . فقال : ما فعل أحد هذا فأفعله . فقال مصعب : يا إبراهيم ، ولا إبراهيم لي اليوم ثم التفت فرأى عروة بن المغيرة بن شعبة فاستدناه ، فقال له : أخبرني عن الحسين بن علي كيف صنع بامتناعه عن النزول على حكم ابن زياد وعزمه على الحرب ؟ فأخبره ، فقال :
إن الألى بالطف من آل هاشم . . . تأسوا فسنوا للكرام التأسيا
ثم دنا محمد بن مروان من مصعب ، وناداه : أنا ابن عمك محمد ابن مروان ، فاقبل أمان أمير المؤمنين . قال : أمير المؤمنين بمكة ، يعنى أخاه عبد الله . قال : فإن القوم خاذلوك ، فأبى ما عرض عليه .

الصفحة 74