كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 78 """"""
قال : ولم يف عبد الملك لأحد بأصبهان ، واستعمل قطن بن عبد الله الحارثي على الكوفة ، ثم عزله ، واستعمل أخاه بشر بن مروان . واستعمل محمد بن عمير على همذان ، ويزيد بن ورقاء بن رويم على الري ، واستعمل خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد على البصرة . وعاد إلى الشام .
ذكر خبر عبد الملك بن مروان وزفر بن الحارث وما كان بينهما من القتال وانتظام الصلح بينهما
قد ذكرنا أن زفر بن الحارث لما فر من مرج راهط إلى قرقيسياء ، واستولى عليها ، وتحصن بها ، واجتمعت قيس عليه ، وكان في بيعة عبد الله بن الزبير وفي طاعته . فلما مات مروان بن الحكم وولي عبد الملك كتب إلى أبان بن عقبة بن أبي معيط ، وهو على حمص ، يأمره أن يسير إلى زفر ، فسار إليه ، وعلى مقدمته عبد الله بن زميت الطائي ، فواقع عبد الله زفر قبل وصول أبان فقتل من أصحابه ثلاثمائة ، فلامه أبان على عجلته ، وأقبل أبان فواقع زفر فقتل ابنه وكيع ابن زفر . فلما سار عبد الملك إلى العراق لقتال مصعب بدأ بقرقيسياء ، فحضر زفر فيها ، ونصب عليها المجانيق ، فأمر زفر أن ينادى في عسكر عبد الملك : لم نصبتم المجانيق علينا ؟ فقالوا : لنثلم ثلمة نقاتلكم عليها . فقال زفر : قولوا لهم : فإنا لا نقاتلكم من وراء الحيطان ، ولكنا نخرج إليكم . وقاتلهم زفر .
وكان خالد بن يزيد بن معاوية مجداً في قتال زفر ، فقال رجل من أصحابه من بني كلاب : لأقولن لخالد كلاماً لا يعود إلى ما يصنع . فلما كان الغد خرج خالد للمحاربة فقال له الكلابي :
ماذا ابتغاء خالد وهمه . . . إذ سلب الملك و . . . أمه
فاستحيا وعاد ، ولم يعد لقتالهم .
وقالت كلب لعبد الملك : إنا إذا لقينا زفر انهزمت القيسية الذين معك ، فلا تخلطهم معنا . ففعل . فكتبت القيسية على نبلها : إنه ليس يقاتلكم غداً مضرى ، ورموا النبل إلى زفر . فلما أصبح دعا ابنه الهذيل فقال : اخرج إليهم ، فشد عليهم ،