كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
لهم : إن نفراً أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به ، فرحلوا إلى إمام الهدى ، فسألوه عما قدمت به عليكم ، فنبأهم أني وزيره وظهيره ورسوله ، وآمركم بطاعتي واتباعي فيما دعوتكم إليه من قتال المحلين ، والطلب بدماء أهل بيت نبيكم . فقامعبد الحمن بن شريح وأخبرهم بحالهم ومسيرهم ، وأن ابن النفية أمرهم بمظاهرته ومؤازرته ، وقال لهم : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، واستعدوا وتأهبوا ، وقام جماعة من أصحابه فقالوا نحواً من كلامه .
فاجتمعت له الشيعة ، وكان من جملتهم " الشعبي " وأبوه شراحيل ، فلما تهيأ أبوه للخروج قال له بعض أصحابه : إن أشراف الكوفة مجمعون على قتالك مع ابن مطيع ، فإن أجابنا إبراهيم بن الأشتر رجونا القوة على عدونا ، فإنه فتى رئيس وابن رجل شريف ، وله عشيرة ذات عز وعدد . فقال المختار : فالقوه وادعوه ، فخرجوا إليه ومعهم الشعبي ، فاعلموه حالهم ، وسألوه مساعدتهم ، فقال : على أن تولوني الأمر ، فقالوا : أنت لذلك أهل ، ولكن ليس إلى ذلك سبيل ، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي ، وهو المأمور بالقتال ، وقد أمرنا بطاعته ، فلم يجبهم إبراهيم ، فانصرفوا عنه .
و أتوا المختار ، فسكت ثلاثاً ، ثم صار إلى إبراهيم في بضعة عشر من أصحابه ، والشعبي وأبوه فيهم ، فدخلوا عليه ، فألقى إليهم الوسائد ، فجلسوا عليها ، وجلس المختار معه على فراشه ، فقال : المختار له : هذا كتاب المهدي إليك ، يسألك أن تنصرنا وتآزرنا ، فقرأه ، فإذا هو : " من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر ، سلام عليك ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، فإني " قد " بعثت إليكم وزيري وأميني الذي ارتضيته لنفسي ، وأمرته بقتال عدوي ، والطلب بدماء أهل بيتي ، فأنهض بنفيك وعشيرتك ومن أطاعك ، فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي كانت لك بذلك عندي فضيلة ، ولك أعنة الخيل ، وكل جيش غازٍ ، وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد الشام " .
فلما فرغ من قراءته تأخر عن صدر الفراش ، وأجلس المختار عليه ، وبايعه . وصار يختلف إلى المختار كل عشية يدبرون أمورهم .

الصفحة 8