كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 85 """"""
وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجالا ، فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة ، ولأهل فلسطين باب بني جمح ، ولأهل قنسرين باب بني سهم . وكان الحجاج وطارق بناحية الأبطح إلى المروة ، وابن الزبير يحمل على هذه الناحية مرة وفي هذه أخرى ، وكأنه أسد في أجمة ما تقدم عليه الرجال وهو يعدو في إثر القوم حتى يحرجهم ، ثم يصيح يا أبا صفوان ، ويل أمه فتحاً ، لو كان له رجال . لو كان قرني واحداً كفيته .
فيقول أبو صفوان عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف : أي والله وألف .
فقال رجل من أهل الشام اسمه جلبوب : إنما يمكنكم أخذه إذا ولي . قيل : فخذه أنت إذا ولي . قال : نعم ، وتقدم ليحضنه من خلفه ، فعطف عليه فقط ذراعيه فصاح ، فقال : اصبر جلبوب .
قال : فلما رأى الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير غضب وترجل يسوق الناس ويصدم بهم ، فصدم صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه ، فتقدم ابن الزبير على صاحب علمه وقاتلهم حتى انكشفوا ، ورجع فصلى ركعتين عند المقام ، فحملوا على صاحب علمه ، فقتلوه عند باب بني شيبة ، وأخذوا العلم . فلما فرغ من صلاته تقدم فقاتل بغير علم ، وقتل رجلاً من أهل الشام وآخر ، وقاتل معه عبد الله بن مطيع ، وهو يقول :
أنا الذي فررت يوم الحرة . . . والحر لا يفر إلا مرة
واليوم أجزى فرة بكرة
وقاتل حتى قتل ، ويقال : أصابته جراحة فمات منها بعد أيام .
قال : وقال عبد الله بن الزبير لأصحابه وأهله يوم قتل بعد صلاة الصبح : اكشفوا وجوهكم حتى أنظر إليكم وعليكم المغافر ، ففعلوا ، فقال : يا آل الزبير ، لو طبتم لي نفسا عن أنفسكم كنا أهل بيت من العرب اصطلمنا في الله فلا يرعكم وقع