كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 87 """"""
وكان قبل مقتله بقي أياماً يستعمل الصبر والمسك لئلا ينتن إن هو صلب ، فلما صلب ظهر منه ريح المسك ، فقيل : إن الحجاج صلب معه كلباً ميتاً . وقيل ، سنوراً ، فغلب على ريح المسك .
ولما قتل عبد الله ركب أخوه عروة بن الزبير ناقة لم ير مثلها وسار إلى عبد الملك فسبق رسل الحجاج ، فاستأذن على عبد الملك فأذن له ، فلما دخل عليه سلم عليه بالخلافة ، فرحب به وأجلسه معه على السرير ، فقال عروة :
نمت بأرحام إليك قريبة . . . ولا خير في الأرحام ما لم تقرب
وتحدث حتى جرى ذكر عبد الله ، فقال عروة : إنه كان . فقال عبد الملك : وما فعل ؟ قال : قتل ؛ فخر ساجداً . فقال عروة : إن الحجاج صلبه . فهب جثته لأمه . قال : نعم .
وكتب إلى الحجاج فعظم صلبه .
وكان الحجاج لما فقد عروة كتب إلى عبد الملك : إن عروة كان مع أخيه . فلما قتل عبد الله أخذ مالاً من مال الله وهرب .
فكتب إليه عبد الملك يقول : إنه لم يهرب ، ولكنه أتاني مبايعاً ، وقد أمنته وحللته مما كان منه ، وهو قادم عليك ، فإياك وعروة .
فعاد عروة إلى مكة فكانت غيبته عنها ثلاثين يوماً . فأنزل الحجاج جثة عبد الله عن الخشبة وبعث بها إلى أمه فغسلته . فلما أصابه الماء تقطع فغسلته عضواً عضواً . وصلى عليه عروة وقيل غيره .
وقيل : لم يصل عليه أحد ؛ منع الحجاج من الصلاة عليه .
وكانت أيام ولايته منذ مات معاوية بن يزيد إلى أن قتل سبع سنين وأياماً .
وكان له من الأولاد : عبد الله ، وحمزة ، وخبيب ، وثابت ، وعباد ، وقيس ، وعامر ، وموسى .
وكاتبه زيد بن عمرو .
وحاجبه سالم مولاه والله الموفق بمنه وكرمه .