كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
ذكر نبذة من سيرته رضي الله عنه وأخباره
كان كثير العبادة إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تظنه حائطاً لسكونه وطول سجوده . وقال بعض السلف : قسم عبد الله الدهر على ثلاث حالات فليلة قائم حتى الصباح ، وليلة راكع حتى الصباح ، وليلة ساجد حتى الصباح .
وقيل : أول ما علم من همته أنه كان يلعب ذات يوم مع الصبيان وهو صبي ، فمر رجل فصاح عليهم ففروا ، ومشى عبد الله القهقري ، وقال للصبيان : اجعلوني أميركم ، وشدوا بنا عليه .
ومر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يلعب مع الصبيان ففروا ووقف هو ، فقال له عمر : ما منعك أن لا تفر معهم ؟ فقال : لم أجرم فأخافك ، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك .
وقال : هشام بن عروة : كان أول ما أفصح به عمي عبد الله ابن الزبير وهو صغير السيف ، فكان لا يضعه من فيه . فكان الزبير رضي الله عنه يقول : والله ليكونن لك منه يوم وأيام .
وقال ابن سيرين : قال ابن الزبير : ما كان شيء يحدثنا به كعب إلا وقد جاء على ما قال إلا قوله : فتى ثقيف يقتلني وهذا رأسه بين يدي - يعني المختار .
قال : لم يشعر ابن الزبير أن الحجاج قد خبىء له . ومر به عبد الله بن عمر رضي الله عنهم وهو مصاوب ، فقال : يرحمك الله إن كنت لصواماً قواماً ، ولقد أفلحت قريش إن كنت شرها .
وكان الحجاج قد صلبه ثم ألقاه في مقابر اليهود ، وأرسل إلى أمه يستحضرها ، فلم تحضر ، فأرسل إليها لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك ، فلم تأته فجاء إليها . فقال : كيف رأيتني صنعت بعدو الله ؟ قالت : رأيتك أفسدت على ابني دنياه ، وأفسد عليك آخرتك ؛ وإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومبيراً ، فأما الكذاب فقد رأيناه تعني المختار ، وأما المبير فأنت .

الصفحة 88