كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
و اجتمع رأيهم على الخروج ليلة الخميس لأربعة عشر ليلةً من شهر ربيع الأول ، فلما كان تلك الليلة ، صلى إبراهيم بن الأشتر بأصحابه المغرب ، ثم خرج يريد المختار ، وعليه وعلى أصحابه السلاح ، وكأن إياس بن مضارب قد جاء إلى عبد الله بن مطيع وهو على شرطته ، فقال : إن المختار خارج عليك إحدى هاتين الليلتين ، وقد بعثت بابني إلى الكناسة ، فلو بعثت في كل جبانة عظيمة بالكوفة رجلاً من أصحابك في جماعة من أهل الطاعة لهاب المختار وأصحابه الخروج عليك ، فبعث ابن مطيع إلى كل جبانة من يحفظها من أهل الطاعة ، وأمر على كل طائفة أميراً ، وأوصى كلاً منهم ألا يؤتى من قبله ، وقال : إذا سمعت صوت القوم فوجه نحوهم ، وكان خروجهم إلى الجبابين يوم الاثنين .
و خرج إبراهيم بن الأشتر ليلة الثلاثاء يريد المختار ، وقد بلغه أن الجبابين قد ملئت رجالاً ، وأن إياس بن مضارب في الشرطة قد أحاط بالسوق والقصر ، فأخذ معه من أصحابه نحو مائة دارع ، وقد لبسوا عليهم الأقبية ، فقال له " أصحابه " : تجنب الطريق ، فقال : والله لأمرن وسط السوق بجنب القصر ، ولأرعبن عدونا ، ولأرينهم هوانهم علينا ، فسار على باب الفيل ، فلقيهم إياس في الشرط مظهرين السلاح ، فقال : من أنتم ؟ فقال : أنا إبراهيم بن الأشتر . فقال إياس : ما هذا الجمع الذي معك ؟ وإلى أين تريد ؟ ولست بتاركك حتى آتي بك الأمير ، فقال إبراهيم : خل سبيلنا ؛ قال لا أفعل ؛ وكان مع إياس رجل من همدان يقال له أبو قطن ، وكان يكرمه ، وكان صديقاً لأبن الأشتر ، فقال له ابن الأشتر : أدن مني يا أبا قطن ، فدنا منه وهو يظن أن إبراهيم يستشفع به عند إياس ، فلما دنا منه أخذ رمحاً كان معه فطعن به إياس في ثغره ، فصرعه ، وأمر رجلاً من أصحابه فقطع رأسه ، وتفرق أصحاب إياس ، ورجعوا إلى ابن مطيع ، فبعث مكانه ابنه راشد بن إياس على الشرط ، وأقبل إبراهيم إلى المختار وقال له : إنا تعدنا للخروج القابلة ، وقد وقع أمر لا بد من الخروج الليلة ، وأخبره الخبر ، ففرح المختار بقتل إياس وقال : هذا أول الفتح إن شاء الله .

الصفحة 9