كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 93 """"""
مخنف على أهل الكوفة ، وأغراه بالمهلب ، وأمره أن يستبد بالأمر ، وسار المهلب حتى نزل رامهرمز ، فلقى بها الخوارج ، فخندق عليه ، وأقبل أهل الكوفة حتى نزلوا على ميل من المهلب ، فلم يلبث العسكر إلا عشراً حتى أتاهم نعي بشر بن مروان فتفرقوا ، وعاد أكثر أهل الكوفة والبصرة إلى أن قدم الحجاج إلى الكوفة في سنة خمس وسبعين ، فأخرج الناس إلى المهلب وابن مخنف على ما نذكر ذلك إن شاء الله في أخبار الحجاج حين قدم الكوفة .
ذكر اجلاء الخوارج عن رامهرمز وقتل عبد الرحمن بن مخنف
قال : ولما أعاد الحجاج البعوث إلى المهلب كتب إليه وإلى عبد الرحمن بن مخنف يأمرهما بمناهضة الخوارج رجعوا إليهم وقاتلوهم شيئاً من قتال ، فانزاحت الخوارج كأنهم على حاميةٍ ، وساروا حتى نزلوا بكازرون ، وسار المهلب وابن مخنف حتى نزلوا بهم ، وخندق المهلب على نفسه ، وأشار على ابن مخنف أن يخندق ، فقال أصحابه : نحن خندقنا سيوفنا ، فأتى الخوارج المهلب ليبيتوه ، فوجدوه قد خندق ، فمالوا نحو ابن مخنف ، فقاتلوه ، فانهزم عنه أصحابه ، فنزل فقاتل في ناسٍ من أصحابه ، فقتل وقتلوا رجاله ، فقال شاعرهم :
لمن العسكر المكلّل بالصّر . . . عى فهم بين ميّتٍ وقتيل
فتراهمو تسفى الرياح عليهمو . . . حاصب الرّمل بعد جرّ الذّيول
هذا قول أهل البصرة في قتل ابن مخنف .
وأما أهل الكوفة فقالوا : إنه لما وصل كتاب الحجاج لمناهضة الخوارج ناهضهم المهلب وابن مخنف ، واقتتلوا قتالاً شديداً ؛ فمالت الخوارج إلى المهلب فاضطروه إلى عسكره ، فاستنجد عبد الرحمن فأمده بالخيل والرجال ، وكان ذلك بعد الظهر لعشرٍ بقين من شهر رمضان سنة خمس وسبعين .