كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
كرمان ، يدعى المقعطر الضي ، قتل رجلاً منهم ، فوثبت الخوارج إلى قطري ، وطلبوا منه أن يقيدهم من عامله ، فلم يفعل ، وقال : إنه تأول فأخطأ التأويل ، وهو من ذوي السابقة فيكم ، ما أرى أن تقتلوه ، فاختلفوا .
وقيل : كان السبب في اختلافهم أن رجلاً كان في عسكرهم يعمل النصول المسمومة ، فيرمي بها أصحاب المهلب ، فشكا أصحابه منها ، فقال : أنا أكفيكموه ، فوجه رجلاً من أصحابه ومعه كتابٌ ، فأمره أن يلقيه في عسكر قطري ولا يراه أحد ، ففعل ، ووقع الكتاب ؛ إلى قطري ، فإذا فيه : أما بعد فإن نصالك وصلت ، وقد أنفذت إليك ألف درهم ، فأحضر قطريٌ الصانع فسأله . فجحد ، فقتله ، فأنكر عليه عبد رب الكبير قتله ، واختلفوا . ثم وضع المهلب رجلاً نصرانياً ، وأمره أن يسجد لقطري . ففعل . فقال الخوارج : إن هذا قد اتخذك إلهاً . ووثب بعضهم على النصراني فقتله ، فزاد اختلافهم ، ففارق بعضهم قطرياً وخلعوه ، وولوا . عبد رب الكبير ، وبقي مع قطري منهم نحو ربعهم أو خمسهم ، واقتتلوا فيما بينهم نحواً من شهر .
وكتب المهلب إلى الحجاج بذلك ، فكتب إليه الحجاج يأمره بقتالهم على حال اختلافهم قبل أن يجتمعوا .
فكتب إليه المهلب : إني لست أرى أن أقاتلهم ما دام يقتل بعضهم بعضاً ، فإن تموا على ذلك فهو الذي نريد ، وفيه هلاكهم . وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رقق بعضهم بعضاً فأناهضهم حينئذ ، وهم أهون ما كانوا وأضعفهم شوكة إن شاء الله تعالى . والسلام .
فسكت عنه .
ثم إن قطرياً خرج بمن معه نحو طبرستان ، وأقام عند عبد رب الكبير بكرمان ، فنهض إليهم المهلب ، فقاتلوه قتالاً شديداً وحصرهم بجيرفت ، وكرر قتالهم وهو لا يبلغ منهم ما يريد .

الصفحة 95