كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 98 """"""
الأزارقة بعد مقتل قطري وعبيدة ، فكان أولهم نافع ابن الأزرق ، وآخرهم قطري وعبيدة . واتصل أمرهم بضعاً وعشرين سنة ، ثم دخل سفيان دنباوند وطبرستان ، فكان هناك حتى عزله الحجاج قبل الجماجم .
هذا ما كان من أمر الأزارقة ، فلنذكر من سواهم من الخوارج أيام عبد الملك .
ذكر خروج صالح بن مسرح التميمي وشبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني
قال : كان صالح بن مسرح التميمي رجلاً ناسكاً مصفر الوجه صاحب عبادة ، وكان بدارا وأرض الموصل والجزيرة ، وله أصحابٌ يقرئهم القرآن والفقه ، ويقص عليهم ، فدعاهم إلى الخروج وإنكار المظالم وجهاد المخالفين لهم ، فأجابوه إلى ذلك ، فبينما هم في ذلك إذ ورد عليهم كتاب شبيب يقول له : إنك كنت تريد الخروج ، فإن كان ذلك من شأنك اليوم فأنت شيخ المسلمين ، ولن نعدل بك أحداً ، وإن أردت تأخير ذلك فأعلمني ؛ فإن الآجال غاديةٌ ورائحة ، ولا آمن أن تختر مني المنية ، ولم أجاهد الظالمين .
فكتب إليه صالح : إنه لم يمنعني من الخروج إلا انتظارك ، فاخرج إلينا ، فإنك ممن لا يستغنى عن رأيه ، ولا تقضي دونه الأمور .
فلما قرأ شبيب كتابه دعا نفراً من أصحابه ؛ منهم أخوه مصاد ابن يزيد ، والمحلل بن وائل اليشكري وغيرهم ، وخرج بهم حتى قدم على صالح بدارا ، فلما لقيه قال : اخرج بنا رحمك الله ، فوالله ما تزداد السنة إلا دروساً ، ولا يزداد المجرمون إلا طغياناً .
فبث صالحٌ رسله ، وواعد أصحابه للخروج هلال صفر سنة سبت وسبعين ، فاجتمعوا عنده ليلة الموعد ، فسأله بعض أصحابه عن القتال ؛ أيكون قبل الدعاء أو بعده ؟ فقال : بل ندعوهم ، فإنه أقطع لحجتهم . فقال : كيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا بهم ، ما تقول في دمائهم وأموالهم ؟ فقال : إن قاتلنا فغنمنا فلنا ، وإن عفونا فموسعٌ علينا .

الصفحة 98