كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
الحوائج من غير استئذان أمير المؤمنين ، فلما كان من الغد وقفنا على باب أمير المؤمنين ، ودخل جعفر فلم يلبث أن دعى بأبي يوسف القاضي ومحمد بن واسع وإبراهيم بن عبد الملك ، فعقد له النكاح وحملت البدر إلى منزل عبد الملك ، وكتب سجل إبراهيم على مصر ، فأشار إلي فصرت إلى منزله ، فقال لي : قلبك معلق بأمر عبد الملك ، قلت : بلى ، قال : دخلت على أمير المؤمنين فمثلت بين يديه ، وابتدأت القصة من أولها إلى آخرها كما كانت ، فجعل يقول أحسن والله ، ثم قال : ما صنعت ؟ فأخبرته بما سأل وبما أجبته ، فجعل يقول في ذلك كله أحسنت أحسنت ، وفي هذه الحكاية كفاية عما سواها .
ويقال إن علية بنت المهدي قالت للرشيد بعد إيقاعه بالبرامكة : ما رأيت لك يا سيدي يوم سرور تام ، منذ قتلت جعفراً ، فلأي شيء قتلته فقال لها : يا أختاه لو علمت أن قميصي يعلم السبب لحرقته .
وأما ما آل أمرهم إليه من الضرورة والفاة والاحتياج والذلة ، فمن ذلك ما حكاه عبد الملك بن عبد الله بن عبدون الحضرمي الإشبيلي في كتابه المترجم بكمامة الزهر وصدفة الدر قال : حدث محمد بن غسان أن صاحب صلاة الكوفة وقاضيها قال : دخلت على أمي في يوم أضحى فرأيت عندها عجوزاً في أطمار رثة ، وإذا لها بيان ولسان ، فقلت لأمي من هذه ؟ قالت : خالتك عتابة أم جعفر بن يحيى ، فسلمت عليها فسلمت علي ، فقلت : أضارك الدهر إلى ما أرى ؟ ؟ قالت : نعم - يا بني إنما كنا في عوار ارتجعها الدهر منا ، فقلت : حدثيني ببعض شأنك ، قالت : خذه جملة ، لقد مضى علي أضحى مثل هذا مذ ثلاث سنين وعلى رأسي أربعمائة وصيفة ، وأنا أزعم أن ابني عاق لي ، وقد جئتكم اليوم أطلب جلدي شاة ، أجعل أحدهما شعاراً والآخر دثاراً ، قال : فغمني ذلك وأبكاني فوهبت لها دنانير كانت عندي . وهذه نهاية الاحتياج والضرورة والفاقة ، فنسأل الله تعالى ألا يسلبنا نعمة أنعم بها علينا ، ويجعل الموت قبل بلائه ومحنه . وكتب يحيى بن خالد إلى الرشيد : لأمير المؤمنين وإمام المسلمين وخلف المهديين وخليفة رب العالمين ، من عبد أسلمته ذنوبه وأوثقته عيوبه ، وخذله شقيقه