كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 107 """"""
الروم يخرب وينهب ، وفتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن وديسه ، وافتتح يزيد بن محلد الصفصاف وملوقية ، واستعمل حميد بن معيوف على ساحل الشام ومصر ، فبلغ قبرس فهدم وأحرق وسبى من أهلها سبعة عشر ألفاً ، فلما قدم بهم الرافقة بيعوا بها ، وبلغ فداء أسقف قبرس ألفي دينار ، ثم سار الرشيد إلى طوانة فنزل بها ، ثم رحل عنها وخلف عليها عقبة بن جعفر ، وبعث نقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير ، وعن رأس ولده دينارين وعن بطارقته كذلك ، وكتب نقفور إلى الرشيد في جارية من سبي هرقلة ، كان خطبها لولده فبعثها إليه .
وقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني عند ذكره ترجمة أشجع بن عمرو السلمي ، وما امتدح به الرشيد لما فتح هرقلة ، وسياقه أتم من هذا السياق وأكثر تبياناً ، فأحببنا أن نشرحه ها هنا ليكون خبرها على توال واتساق ، فقال : أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثنا محمد بن يزيد قال : كان من خبر غزاة الرشيد هرقلة أن الروم كانت ملكت امرأة ، لأنه لم يكن في زمانها من أهل المملكة غيرها ، وكانت تكتب إلى المهدي والهادي والرشيد - في أول خلافته - بالتعظيم والتبجيل ، وتدر عليه الهدايا حتى بلغ ابنها . فحاز الملك دونها وعاث وأفسد وفاسد الرشيد ، فخافت على ملك الروم أن يذهب وعلى بلادهم أن تعطب ، لعلمها بالرشيد وخوفها من سطوته ، فاحتالت على ابنها فسملت عينيه . فبطل من الملك وعاد الملك إليها ، فاستكبر ذلك أهل المملكة وأبغضوها من أجله ، فخرج عليها نقفور وكان كاتبها ، فأعانوه وعضدوه وقام بأمر المملكة وضبط أمر الروم ، فلما قوي أمره وتمكن من ملكه كتب إلى الرشيد : من نقفور ملك الروم إلى الرشيد ملك العرب ، أما بعد ، فإن هذه المرأة كانت وضعتك وأباك وأخاك موضع الملوك ، ووضعت نفسها موضع السوقة ، وإني