كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 11 """"""
أن تدفعوا عن أنفسكم ، وتجردوا السيوف وتجاهدوا أعداء الله ، ومن شغله منكم عدوه عن الوقت فلا حرج عليه أن يظهر بعده ، ثم تحرك أبو مسلم فنزل في قرية سفيذنج على كثير بن سليمان الخزاعي لليلتين خلتا من شهر رمضان ، والكرماني وشيبان يقاتلان نصر بن سيار ، فبث أبو مسلم دعاته في الناس وأظهر أمره ، فأتاه في ليلة واحدة نحو ستين قرية ، فلما كن ليلة الخميس لخمس بقين من شهر رمضان عقد اللواء ، الذي بعث به الإمام إليه ويعى الظل ، على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً ، وهو يتلو " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " ، ولبسوا السواد هو وأخوه سليمان بن كثير ومواليه ، ومن كان أجاب الدعوة من أهل سفيذنج ، وأوقدوا النيران ليلتهم لشيعتهم فكانت علامتهم ، فتجمعوا إليه حين أصبحوا معدين ، وقدم عليه الدعاة الذين بثهم في الدعوة بمن أجابهم ، وذلك بعد ظهوره بيومين ، فلما وافى عيد الفطر أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلى به وبالشيعة ، ونصب له منبراً في العسكر ، وأمره أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، وكان بنو أمية يبدوءن بالخطبة قبل الصلاة بأذان وإقامة ، وأمره أيضاً أن يكبر ست تكبيرات تباعاً ، ثم يقرأ ويركع بالسابعة ، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات تباعاً ثم يقرأ ويركع بالسادسة ، ويفتح الخطبة بالتكبير ويختمها بالقرآن ، وكان بنو أمية يكبرون في الأولى أربع تكبيرات وفي الثانية ثلاثاً ، فلما قضى سليمان الصلاة انصرف أبو مسلم والشيعة ، إلى طعام قد أعده لهم فأكلوا مستبشرين . وكتب أبو مسلم إلى نصر بن سيار وبدأ بنفسه ، وكتب إلى نصر ولم يقل إلى الأمير : أما بعد فإن الله تباركت أسماؤه عير أقواماً في القرآن فقال : " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً ، استكباراً في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً " ، فتعاظم نصر الكتاب وكسر له إحدى عينيه ، وقال : هذا كتاب له أخوات ثم كان من خبر الكرماني ومقتله ما قدمناه في أيام مروان ، فلما قتل انضم ابنه علي إلى أبي مسلم في جموع كثيرة ، فاستصحبه معه وقاتلوا نصر بن سيار حتى أخرجوه من دار الإمارة ، وأقبل أبو مسلم إلى مرو وأتاه علي بن الكرماني وسلم عليه بالإمارة .