كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 12 """"""
ذكر دخول أبي مسلم مرو والبيعة بها
وفي سنة ثلاثين ومائة : دخل أبو مسلم الخراساني مرو ونزل قصر الإمارة في شهر ربيع الآخر وقيل في جمادى الأولى ، وكان سبب ذلك وسبب اتفاق ابن الكرماني أن ابن الكرماني ومن معه وسائر القبائل بخراسان كانوا قد تعاقدوا على قتال أبي مسلم ، فجمع أصحابه لحربهم ، فكان سليمان بن كثير بإزاء ابن الكرماني ، فقال له سليمان إن أبا مسلم : يقول لك أما تأنف من مصالحة نصر وقد قتل بالأمس أباك وصلبه وما كنت أحسبك تجامع نصراً في مسجد تصليان فيه فرجع ابن الكرماني عن رأيه وانتقض صحل العرب ، فبعث نصر بن سيار إلى أبي مسلم يلتمس منه أن يدخل مع مضر ، وبعث أصحاب الكرماني وهم ربيعة واليمن إلى أبي مسلم بمثل ذلك ، وراسلوه أياماً فأمرهم أبو مسلم أن يقدم عليه وفد الفريقين ، حتى يختار أحدهما ففعلوا ، فأمر أبو مسلم الشيعة أن يختاروا أصحاب الكرماني ، فتقدم الوفدان فأجلسهم أبو مسلم ، وجمع عنده من الشيعة سبعين رجلاً ، فقال لهم : لتختاروا أحد الفريقين ، فقام سليمان بن كثير فتكلم وكان خطيباً مفوهاً ، فاختار ابن الكرماني وأصحابه واختارهم السبعون ، فقام وفد نصر وعليهم الكآبة والذلة ، وأرسل إليه ابن الكرماني أن يدخل إلى مدينة مرو من ناحية ، ليدخل هو وعشيرته من الناحية الأخرى ، فأرسل إليه أبو مسلم أني لست آمن أن تجمع يدك ويد نصر على محاربتي ، ولكن ادخل أنت وانشب الحرب ، ففعل ابن الكرماني ودخل أبو مسلم مرو ، والفريقان يقتتلان فأمرهما بالكف وتلى قوله تعالى : " ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه . . . الآية " ومضى أبو مسلم إلى قصر الإمارة ، وأرسل إلى الفريقين أن ينصرف كل منهما إلى عسكره ففعلوا ، وصفت مرو لأبي مسلم وأمر بأخذ البيعة من الجند ، وكان الذي يأخذها أبو منصور طلحة بن رزيق وهو أحد النقباء ، وكان عالماً بحجج الهاشمية ومعايب الأموية ، وكانت البيعة : أبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، عليك بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام ، وعلى ألا تسألوا رزقاً ولا طمعاً حتى يبدأكم به ولائكم .
ذكر هرب نصر بن سيار أمير خراسان من مرو
وكان سبب هربه أن أبا مسلم لما دخل مرو أرسل لاهز بن قريظ في جماعة إلى نصر ، يدعوه إلى كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) والرضا من آل محمد ، فلما نظر ما جاءه من

الصفحة 12