كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
اليمانية والربيعية والعجم وأنه لا قبل له بهم أظهر قبول ما أتاه به ، وأنه يأتيه ويبايعه واستمهلهم ، وأمر أصحابه بالتهيؤ والخروج إلى مكان يأمنون فيه ، فأشار عليه سلم بن أحوز بالبيات ليلته تلك والخروج من القابلة ، فلما أصبح عبأ أصحابه وكتائبه إلى بعد الظهر ، فأعاد أبو مسلم إليه لاهز بن قريظ في جماعة ، فقال : ما أسرع ما عدتم ، فقال له لاهز : لا بد لك من ذلك ، فاستمهله نصر بقدر ما يتوضأ ويصلي ، ويرسل إلى أبي مسلم يستأذنه في المضي إليه ، فأجابه لاهز ، فلما قدم نصر للوضوء تلا لاهز : " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " ، فدخل نصر منزله وأعلمهم أنه ينتظر عود رسوله من عند أبي مسلم ، وأقام حتى جنه الليل فخرج من خلف حجرته ، ومعه تميم ابنه ، والحكم بن نميلة النميري ، وامرأته المرزبانة وانطلقوا هرباً ، فلما استبطأه لاهز وأصحابه دخلوا منزله فوجدوه قد هرب ، فلما بلغ أبا مسلم هربه سار إلى عسكر نصر ، وأخذ ثقات أصحابه وصناديدهم فكتفهم ، وفيهم سلم بن أحور صاحب شرطة نصر ، والبختري كاتبه ، وابنان له ، ويونس بن عبد ربه ، ومحمد بن قطن ، ومجاهد بن يحيى بن حضين وغيرهم ، فاستوثق منهم بالحديد وحبسهم ، وسار أبو مسلم وابن الكرماني في طلب نصر ليلتهما ، فأدركا امرأته قد حلفها ، وسار نصر إلى سرخس واجتمع معه ثلاثة آلاف رجل ، ورجع أبو مسلم وسأل من كان أرسلهم إلى نصر : ما الذي ارتاب به نصر حتى هرب ؟ وهل تكلم أحد منكم بشيء ؟ فذكروا له ما تلاه لاهز بن قريظ ، فقال هذا الذي دعاه للهرب ، ثم قال : يا لاهز تدغل في الدين ، وقتله ، واستشار أبو مسلم أبا طلحة في أصحاب نصر ، فقال : اجعل سوطك السيف ، وسجنك القبر ، فقتلهم وكانوا أربعة وعشرين رجلاً ، وأما نصر فإنه سار من سرخس إلى طوس فأقام بها ، ودخل ابن الكرماني مرو مع أبي مسلم وتابعه على رأيه .

الصفحة 13