كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
وأهل خراسان إلى نهاوند ، فأقام بها وفارقه ناس كثير ، ودخل الحسن همذان وسار منها إلى نهاوند ، فنزل على أربعة فراسخ منها ، وأمده أبوه بأبي الجهم بن عطية مولى باهلة في سبعمائة فحصر المدينة .
ذكر مقتل عامر بن ضبارة ودخول قحطبة أصفهان
كان عامر بن ضبارة قد بعثه يزيد بن هبيرة لقتال عبد الله بن معاوية ، لما خرج ودعا إلى نسه على ما نذكره في أخبار آل أبي طالب إن شاء الله ، وبعث معه ابنه داود بن يزيد فهزمه ابن ضبارة ، وسار في أثره ، فلما بلغ ابن هبيرة مقتل نباتة بن حنظلة بجرجان كتب إلى عامر وإلى ابنه داود ، أن يسيرا إلى قحطبة وكانا بكرمان ، فسارا في خمسين ألفاً ونزلوا بأصفهان ، وكان يقال لعسكر ابن ضبارة عسكر العساكر ، فبعث قحطبة إليهم جماعة من القواد عليهم جميعاً مقاتل بن حكيم العكي ، فساروا حتى نزلوا قم ، وبلغ ابن ضبارة نزول الحسن بن قحطبة نهاوند ، فسار ليفتن من بها من أهلها ، فأرسل مقاتل إلى قحطبة يعلمه بمسيره ، فأقبل قحطبة من الري حتى لحق بمقاتل ، ثم ساروا والتقوا بعامر بن ضبارة وداود بن يزيد ، وكان عسكر قحطبة عشرين ألفاً فيهم خالد بن برمك ، وعسكر ابن ضبارة مائة ألف وقيل خمسون ومائة ألف ، فأمر قحطبة بمصحف فوضع على رمح ، ونادى يا أهل الشام إنما ندعوكم إلى ما في هذا المصحف ، فشتموه وفحشوا في القول ، فأمر قحطبة أصحابه بالحملة عليهم ، فحمل عليهم العكي وتهايج الناس ، ولم يكن بينهم كبير قتال حتى انهزم أهل الشام ، وقتلوا قتلاً ذريعاً ، فقتل ابن ضبارة وهرب داود ، وأخذ أصحاب قحطبة من عسكرهم ما لا يعلم قدره ، من السلاح والمتاع والرقيق والخيل ، وما رئي عسكر قط كان فيه من أصناف الأشياء ما في هذا العسكر ، كان كأنه مدينة ، فكان فيه من البرابط والطنابير والمزامير والخمر ما لا يحصى ، وحقيق لعسكر فيه مثل ذلك أن ينهزم ، وكانت هذه الوقعة بنواحي أصفهان في شهر رجب .