كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 23 """"""
رأسه في جراب مملوء نورة فمات ، وقيل إن شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك كان محبوساً مع إبراهيم ، فكانا يتزاوران وصار بينهما مودة ، فأتى رسول من عند شراحيل إلى إبراهيم يوماً بلبن ، فقال : يقول لك أخوك إني شربت من هذا اللبن فاستطبته ، فأحببت أن تشرب منه ، فشرب منه فشكى من ساعته ، وكان يوماً يزور فيه شراحيل فأبطأ عليه ، فأرسل إليه شراحيل : إنك قد أبطأت فما حبسك عني ؟ فأعاد عليه إني لما شربت اللبن الذي بعثت به إلي فاشتكيت ، فأتاه شراحيل - وحلف بالله أنه ما شرب لبناً في يومه ، ولا بعث به إليك واسترجع ، وقال : احتيل والله عليك ، فبات إبراهيم ليلته وأصبح ميتاً . وكان إبراهيم خيراً فاضلاً كريماً ، قدم المدينة مرة ففرق في أهلها مالاً جليلاً ، فنال بعضهم منه ألف دينار - وخمسمائة دينار - وأربعمائة دينار ، وكانت هذه عطاياه وهباته . وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين ، وأمه أم ولد بربرية اسمها سلمى .
قال : ولما قبض على إبراهيم بالحميمية نعى نفسه إلى أهل بيته ، وأمرهم بالمسير إلى الكوفة مع أخيه أبي العباس عبد الله بن محمد - وهو السفاح ، وأوصاهم بالسمع والطاعة له ، وأوصاه وجعله الخليفة من بعده وودعهم ، وسار فهلك على ما ذكرنا ، وكان من أمر أبي العباس ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر ابتداء الدولة العباسية وانقضاء الدولة الأموية
ذكر بيعة أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
. وهو ابن الحارثية الذي نص عليه هاشم محمد بن الحنفية ، لما فوض أمر الشيعة إلى والده ، ووعدهم أنه صاحب الأمر ، وكان ذلك قبل مولد أبي العباس على ما قدمنا ، وأمه ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي ، بويع له بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، وذلك أنه لما قبض على أخيه إبراهيم بن محمد الإمام عهد إليه كما ذكرناه ، وأمره بالمسير إلى الكوفة ، سار من الحميمية ومعه أهل بيته وأخوه أبو جعفر المنصور ، وعبد الوهاب ومحمد ابنا أخيه إبراهيم ، وعمومته داود ، وعيسى ، وصالح ،

الصفحة 23