كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 240 """"""
إليها ابنه اذكوتكين في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين ، فلما كان يوم النوروز من هذه السنة دعا وجوه أهل الموصل إلى قبة في الميدان ، وأحضر أنواع الملاهي وتجاهر بالشرب والفسوق وفعل المنكرات ، وأساء السيرة ، ثم طالب أهل الموصل بالخراج عن غلات كانت قد هلكت من البرد ، فاشتد ذلك على الناس ، وكان لا يسمع بفرس جيد إلا أخذه من صاحبه ، وأهل الموصل صابرون على ذلك كله منه ، إلى أن وثب رجل من أصحابه على امرأة فأخذها من الطريق ، فامتنعت واستغاثت ، فقام رجل من أهل القرآن والصلاح اسمه إدريس الحميري فخلصها من يده ، فعاد الجندي إلى ابن اساتكين فشكا من إدريس . فأحضره وضربه ضرباً شديداً من غير أن يكشف عن الأمر ، فاجتمع وجوه أهل الموصل بالجامع وقالوا : قد صبرنا على أخذ الأموال وشتم الأعراض وإبطال السنن وإظهار البدع فلا نصبر على أخذ الحريم ، واتفقوا على أن يشكوه إلى الخليفة ، فبلغه الخبر فركب في جنده ومعه النفاطون ، فخرجوا إليه ولقوه وقاتلوه قتالاً شديداً حتى أخرجوه عن الموصل ، ونهبوا داره وأصابه حجر فشجه ، ومضى من يومه إلى سامرا ، فاجتمع أهل الموصل إلى يحيى بن سليمان وقلدوه أمرهم ، فبقي كذلك إلى أن انقضت سنة ستين ودخلت إحدى وستين ، فكتب اساتكين إلى الهيثم بن عبد الله بن المعمر التغلبي ثم العدوي في أن يتقلد الموصل ، وأرسل إليه الخلع واللواء وكان بديار ربيعة ، فجمع جموعاً كثيرة وسار إلى الموصل ، فنزل بالجانب الشرقي وبينه وبين البلد دجلة فقاتلوه ، فعبر إلى الجانب الغربي وزحف إلى باب البلد ، فخرج إليه يحيى بن سليمان في أهل الموصل فقاتلوه ، فقتل منهم قتلى كثيرة وكثرت الجراحات ، وعاد الهيثم عنهم فاستعمل اساتكين على الموصل إسحاق بن أيوب التغلبي ، فخرج في عشرين ألفاً منهم حمدان بن حمدون التغلبي وغيره ، فنزل عند الدير الأعلى فقاتله أهل الموصل ، ومنعوه وداموا على ذلك مدة ، ومرض يحيى بن سليمان فطمع إسحاق في البلد وجد في الحرب ، فانكشف الناس بين يديه فدخل البلد ، ووصل إلى سوق الأربعاء وأحرق سوق الحشيش ، فخرج بعض العدول واسمه زياد بن عبد الواحد