كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 245 """"""
ودخلت سنة ثمان وستين ومائتين .
لم تكن في هذه السنة إلا أخبار الزنج وحروبهم والخوارج ، ويرد ذلك في موضعه .
وحج بالناس هارون .
ودخلت سنة تسع وستين ومائتين .
في هذه السنة حارب الموفق أيضاً صاحب الزنج ، واستولى الموفق على مدينتي صاحب الزنج الغربية ثم الشرقية ، وهدم قصره في حروب طويلة لا فائدة في ذكرها .
ذكر مسيره المعتمد على الله إلى مصر وعوده قبل الوصول إليها
في هذه السنة سار المعتمد نحو مصر ، وكان سبب ذلك أنه لم يكن له من الخلافة إلا اسمها ، ولا ينفذ له توقيع في قليل ولا كثير ، وكان الحكم كله للموفق والأموال تجبى إليه ، فأنف وضجر المعتمد من ذلك ، وكتب إلى أحمد بن طولون يشكو إليه من أخيه في السر ، فأشار عليه باللحاق به بمصر ووعده النصر ، وسير عسكراً إلى الرقة ينتظرون وصول المعتمد إليهم ، فاغتنم المعتمد غيبة الموفق عنه ، وسار في جمادى الأولى ومعه جماعة من القواد ، فأقام بالكحيل يتصيد ثم سار حتى صار إلى عمل إسحاق بن كنداجق - وهو عامل الموصل وعامة الجزيرة ، فوثب إسحاق بمن مع المعتمد من القواد فقبضهم ، وهم نيزك وأحمد بن خاقان وخطارمش وقيدهم وأخذ أموالهم ودوابهم ، وكان صاعد بن مخلد وزير الموفق قد كتب إليه بذلك عن الموفق ، وكان سبب تمكنه منهم ووصوله إلى قبضهم أنه أظهر أنه معهم في طاعة المعتمد - إذ هو الخليفة ، ولقيهم لما صاروا إلى عمله وسار معهم عدة مراحل ، فلما قارب عمل أحمد بن طولون ارتحل الأتباع والغلمان الذين مع المعتمد ومع قواده ، ولم يترك إسحاق أصحابه يرتحلون ثم قال للقواد وهم عند المعتمد : إنكم قد قاربتم عمل ابن طولون والأمر أمره ، وتصيرون جنده وتحت يده ، أفترضون ذلك ؟