كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 249 """"""
وأصحاب موسى بن أخت مفلح أربعة أيام من المحرم ، ثم اصطلحوا وقد قتل بينهم جماعة ، ووقع بالجانب الشرقي وقعة بين النصريين وأصحاب يونس قتل فيها رجل ثم انصرفوا .
ذكر وفاة أبي أحمد الموفق
في هذه السنة توفي أبو أحمد الموفق بن المتوكل في يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر ، ودفن ليلة الخميس بالرصافة ، وكان قد مرض في بلاد الجبل فانصرف وقد اشتد به وجع النقرس ، فلم يقدر على الركوب فحمل على سرير فيه قبة ، وكان يجلس فيه هو وخادم له يبرد رجليه بالأشياء الباردة ، ثم صار به داء الفيل ، وكان يحمل سريره أربعون رجلاً بالنوبة ، فقال لهم يوماً وقد ضجر : أود أن أكون كواحد منكم أحمل على رأسي وآكل وأنا في عافية ، وقال في مرضه : أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق ، ما أصبح فيهم أسوأ حالاً مني ، ووصل إلى داره لليلتين خلتا من صفر ، وشاع موته بعد انصراف أبي الصقر من داره ، وكان قد تقدم بحفظ أبي العباس فأغلقت عليه الأبواب . قال : ووجه أبو الصقر إلى المدائن فحمل منها المعتمد وأولاده وجيء بهم ، فلما رأى غلمان الموفق ما نزل بمولاهم كسروا الأبواب المغلقة على أبي العباس ، فظن أنهم يريدون قتله فأخذ سيفه في يده ، وقال : والله لا يصلون إلي وفي شيء من الروح ، فلما وصلوا إليه رأى غلامه وصيفاً فألقى السيف من يده ، وعلم أنهم لا يريدون إلا الخير ، وأخرجوه وأقعدوه عند أبيه وكان قد اعترته غشية ، فلما أفاق ورآه قربه وأدناه إليه ، وأما الصقر فإنه لما حصل الإرجاف بموت الموفق جمع القواد والجند وقطع الجسرين ، وحاربه قوم من الجانب الشرقي فقتل منهم قتلى ، فلما ظهر أن الموفق حي حضر عنده محمد بن أبي الساج وفارق أبا الصقر ، وتسلل القواد والناس عن أبي الصقر ، فلما رأى ذلك أبو الصقر حضر هو وابنه دار الموفق ، وذكر أن أبا الصقر أراد أن يقترب إلى المعتمد بمال الموفق وأسبابه ، وأشاعوا ذلك عنه عند أصحاب الموفق ، فنهبوا دار أبي الصقر وما يجاوره من الدور ، وأخرجوا نساءه حفاة بغير أزر ، وكسرت أبواب السجون وخرج من فيها . قال : وخلع الموفق عند إفاقته على ابنه أبي العباس وعلى أبي الصقر ، وركبا جميعاً فمضى أبو العباس إلى منزله وجاء أبو الصقر إلى منزله وقد نهب ، فطلب له حصيرة يجلس عليها