كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 251 """"""
ذكر وفاة المعتمد على الله وشيء من أخباره
كانت وفاته ببغداد ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رجب سنة ستع وسبعين ومائتين ، وكان قد شرب على الشط بالجسر يوم الأحد شراباً كثيراً فمات ليلاً ، وأحضر المعتضد القضاة وأعيان الناس ، فنظروا إليه وحمل إلى سامرا فدفن بها ، وكان عمره خمسين سنة وستة أشهر ، وكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة وستة أيام ، وكان في خلافته محكوماً عليه ، ضيق عليه أخوه الموفق حتى إنه احتاج في بعض الأوقات إلى ثلاثمائة دينار فلم يجدها ، فقال : أليس من العجائب أن مثلي . . . يرى ما قل ممتنعاً عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعاً . . . وما من ذاك شيء في يديه
إليه تحمل الأموال طرا . . . ويمنع بعض ما يجبى إليه
وهو أول من انتقل من الخلفاء من سامرا ، ولم يعد إليها بعده خليفة . وكان طويل القد واللحية واسع العينين مقبلاً على اللذات ، مشغولاً عن الرعية مضطرب الأحوال . وكان نقش خاتمه : السعيد من وعظ بغيره . أولاده : عبد العزيز وجعفر ومحمد وإسحاق . وزارؤه : عبيد الله بن يحيى بن خاقان ثم سليمان بن وهب ثم الحسن بن مخلد ثم صاعد بن مخلد أخوه ثم أبو الصقر إسماعيل بن بلبل . حجابه : موسى بن بغا ثم جعفر بن غانم بن علي الجهشاري . قضاته : الحسن بن أبي الشوارب ثم أخوه علي بن محمد . الأمراء بمصر : أحمد بن طولون ثم ابنه خمارويه . قضاتها : بكار بن قتيبة إلى أن توفي في سنة سبعين ومائتين بعد وفاة أحمد بن طولون بأربعين يوماً ، وكانت ولايته أربعاً وعشرين سنة ونصف سنة ، وبقيت مصر بغير قاض ، ثم وليها أبو عبدة محمد بن عبدة واستخلف أبا جعفر الطحاوي واستكتبه وأعفاه . وقد قيل في وفاة المعتمد على الله أنه مات مسموماً والله عز وجل أعلم .