كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 253 """"""
لرجل لا يعرف اسمه ، وأنه قد أفسد جماعة من الجند وغيرهم ، فقرره المعتضد فلم يقر بشيء وقال : لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه ، فأمر به فشد في خشبة من خشب الخيم ، ثم أوقد ناراً عظيمة وأدير عليها حتى تقطع جلده ، ثم ضربت عنقه وصلب عند الجسر . وحبس ابن المهتدي إلى أن علم براءته فأطلقه .
ذكر قصد المعتضد بني شيبان وصلحه معهم وإغارته على الأعراب
في أول صفر سار المعتضد من بغداد يريد بني شيبان بالمكان الذي يحتمون به من أرض الجزيرة ، فلما بلغهم قصده جمعوا أموالهم ، وأغار المعتضد على أعراب عند السن ، فنهب أموالهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وغرق منهم في الزاب مثل ذلك ، وعجز الناس عن حمل ما غنموه ، فبيعت الشاة بدرهم والجمل بخمسة دراهم ، وسار إلى الموصل وبلد فلقيه بنو شيبان يسألون العفو ، وبذلوا له رهائن فأجابهم إلى ما طلبوا ، وعاد إلى بغداد ، وأرسل إلى أحمد بن عيسى بن الشيخ يطالبه بما أخذ من أموال ابن كنداجق ، فبعثها إليه ومعها هدايا كثيرة . وفيها غارت المياه بالري وطبرستان حتى بلغ الماء ثلاثة أرطال بدرهم ، وفي شوال منها انخسف القمر وأصبح أهل دبيل وقد أظلمت الدنيا عليهم ، ودامت الدنيا مظلمة عليهم ، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء ودامت إلى ثلث الليل ، ثم زلزلوا في الثلث فخربت المدينة ، ولم يبق من دورها إلا قدر مائة دار ، وزلزلوا بعد ذلك خمس مرات ، وكان جملة من أخرج من تحت الردم مائة ألف وخمسين ألف كلهم موتى .
وحج بالناس أبو بكر محمد بن هارون .
ودخلت سنة إحدى وثمانين ومائتين .
ذكر مسير المعتضد إلى ماردين وملكها
في هذه السنة توجه المعتضد بالله - وهي الخرجة الثانية إلى الموصل - قاصداً حمدان بن حمدون ، لأنه بلغه أنه مايل هارون الخارجي ودعا له ، فلما بلغ الأعراب

الصفحة 253