كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 256 """"""
يعقوب ليحتال في منعه ، وكلم يوسف المعتضد وحذره اضطراب العامة فلم يلتفت ، فقال : يا أمير المؤمنين فما تصنع بالطالبيين الذين يخرجون من كل ناحية ، ويميل إليهم خلق كثير من الناس ؟ فإذا سمع الناس ما في هذا الكتاب مالوا إليهم ، وصاروا هم أبسط السنة وأثبت حجة منهم اليوم ، فأمسك المعتضد ولم يأمر في الكتاب بشيء بعد ذلك .
وفيها ظهر بدار المعتضد إنسان بيده سيف ، فمضى إليه بعض الخدم لينظر ما هو ، فضربه بالسيف فجرحه فهرب الخادم ، ودخل الشخص في زرع البستان فتوارى فيه ، وطلب فلم يعرف له خبر واستوحش المعتضد ، وكثر الناس القول حتى قالوا إنه من الجن ، وظهر مراراً كثيرة فوكل المعتضد بسور داره وأحكمه ، ثم أحضر المجانين والمعزمين بسبب الشخص ، فقال المعزمون : نحن نعزم على بعض المجانين فإذا صرع سئل الجني فيخبر بخبره ، فعزموا على امرأة مجنونة فصرعت والمعتضد ينظر إليهم ، فلما صرعت أمرهم بالانصراف .
وحج بالناس في هذه السنة محمد بن عبد الله بن داود الهاشمي المعروف بأترجة .
ودخلت سنة خمس وثمانين ومائتين .
في هذه السنة كان بالكوفة ريح صفراء فبقيت إلى المغرب ثم اسودت ، ثم وقع مطر شديد برعود هائلة وبروق متصلة ، ثم سقط بعد ساعة بقرية تعرف بأحمد أباذ أحجار بيض وسود مختلفة الألوان ، في أوساطها ضيق . وفيها كان بالبصرة ريح صفراء ثم عادت خضراء ثم سوداء ، ثم تتابعت الأمطار بما لم ير مثله ، ثم برد كبار الوزن البردة مائة وخمسون درهماً . وفيها غزا راغب مولى الموفق في البحر ، فغنم مراكب كثيرة من الروم فضرب أعناق ثلاثة آلاف منهم كانوا فيها ، وأحرق المراكب وفتح حصوناً كثيرة وعاد سالماً . وفيها توفي أحمد بن عيسى بن الشيخ ، وقام بعده ابنه محمد بآمد وما يليها على سبيل التغلب ، فسار المعتضد إلى آمد فوصلها في