كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 272 """"""
قلت : نعم ، قال : والله ليقتلن بدراً القاسم - وكان الأمر كذلك ، قتله في خلافة المكتفي بالله على ما نذكره إن شاء الله ، فقال خفيف : رحم الله المعتضد كأنه نظر إلى هذا من وراء ستر .
وكان المعتضد رحمه الله جيد الشعر ، فمن شعره ما قاله عند موت جارية كان يحبها وتحبه غاية المحبة ، فلما ماتت جزع لموتها جزعاً منعه عن الطعام والشراب فقال :
يا حبيباً لم يكن يع . . . دله عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد . . . ومن القلب قريب
ليس لي بعدك في شي . . . ء من اللهو نصيب
لك من قلبي على قل . . . بي وإن بنت رقيب
وخيالي منك مذ غب . . . ت خيال لا يغيب
لو تراني كيف لي بع . . . دك عول ونحيب
وفؤادي حشوه من . . . حرق الحزن لهيب
لتيقنت بأني . . . بك محزون كئيب
ما أرى نفسي وإن طب . . . بتها عنك تطيب
لي دمع ليس يعصي . . . ني وصبر ما يجيب
وقال أيضاً :
لم أبك للدار ولكن بما . . . قد كان فيها مرة ساكنا
فخانني الدهر بفقدانه . . . وكنت من قبل له آمنا
ودعت صبري يوم توديعه . . . وبان قلبي معه ظاعنا
فقال له عبيد الله بن سليمان : يا أمير المؤمنين - مثلك تهون عليه المصائب ، لأنه يجد من كل فقيد خلفاً ، ويقدر على ما يريد ، والعوض منك لا يوجد ، فلا ابتلى الله الإسلام بفقدك ، وعمره ببقائك . وقد قال الشاعر في المعنى الذي ذكرته .
يبكي علينا ولا نبكي على أحد . . . ونحن أغلظ أكبادا من الإبل
فضحك المعتضد وعاد إلى عادته .

الصفحة 272