كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
الوليد بن معاوية بن مروان بن الحكم فالتقيا ، فانهزم أصحاب المخارق وثبت هو ، فأسر في جماعة وسيروهم إلى مروان ، فأمر أن يؤتى برجل من الأسرى ، فأتي بالمخارق ، فقال له : أنت المخارق ، قال : لا بل أنا من عبيد أهل العسكر ، قال : أفتعرف المخارق ؟ قال : نعم ، قال : فانظر هل تراه في هذه الرؤوس ؟ فنظر إلى رأس منها فقال : هذا هو المخارق ، فخلى سبيله ، ولما بلغت الهزيمة عبد الله بن علي أرسل إلى طريق المنهزمين من يمنعهم من دخول العسكر ، وأشار عليه أبو عون أن يبادر مروان بالقتال ، قبل أن يظهر أمر المخارق ، فنادى في الناس بلبس السلاح والخروج إلى الحرب فركبوا ، وسار نحو مروان ، وكان عسكره عشرين ألفاً وقيل اثنا عشر ألفاً ، فلما التقى العسكران قال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز : إن زالت الشمس اليوم ولم يقاتلونا كنا الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم ، فإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون ، فأرسل مروان إلى عبد الله يسأله الموادعة ، فقال عبد الله : كذب ، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل إن شاء الله ، ثم التقوا واقتتلوا فجعل عبد الله بن علي يقول : يا رب حتى متى نقتل فيك ونادى : يا أهل خراسان ، يا لثارات يا لثارات إبراهيم واشتد القتال ، فأمر مروان بالأموال فأخرجت ، وقال للناس : اصبروا وقاتلوا فهذه الأموال لكم ، فجعل ناس يصيبون منها ، فقيل له : إن الناس قد مالوا على المال ، ولا نأمنهم أن يذهبوا به ، فأرسل إلى ابنه عبد الله أن يسير فيقتل من أخذ من المال شيئاً ، فمال عبد الله برايته وأصحابه ، فقال الناس : الهزيمة ، الهزيمة ، فانهزموا وانهزم مروان وقطع الجسر ، وكان من غرق يومئذ أكثر ممن قتل ، وكان ممن غرق يومئذ إبراهيم بن الوليد المخلوع ، فاستخرجوه في الغرقى ، فقرأ عبد الله : " وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون " ، وقيل بل قتله عبد الله بالشام ، وحوى عبد الله عسكر مروان بما فيه ، فوجد سلاحاً كثيراً وأموالاً وكتب إلى السفاح بالفتح ، فلما أتاه الكتاب أمر لكل من شهد الوقعة بخمسمائة خمسمائة ، ورفع أرزاقهم ، وكانت هزيمة مروان بالزاب يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة من هذه السنة .
ذكر مقتل مروان بن محمد ودخول أهل الشام وغيرهم في الطاعة
قال : ولما انهزم مروان أتى مدينة الموصل ، وعليها هشام بن عمرو التغلبي وبشر بن خزيمة الأسدي فقطعا الجسر ، فناداهم أهل الشام : هذا أمير المؤمنين مروان ،

الصفحة 29