كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 31 """"""
بإرسال صالح بن علي في طلب مروان ، فسار صالح في ذي القعدة ، ومعه ابن فتان ، وعامر بن إسماعيل الحارثي ، وأبو عون - فبلغوا العريش ، وأحرق مروان ما كان حوله من علف وطعام وهرب إلى جهة مصر ، وسار صالح فنزل النيل ، ثم نزل الفسطاط ، ثم سار ونزل موضعاً يقال له ذات الساحل ، وهرب مروان إلى الصعيد ، وقدم صالح أبا عون ، وعامر بن إسماعيل الحارثي وشعبة بن كثير المازني - فساروا ، فلقوا خيلاً لمروان فهزموهم وأسروا منهم رجالاً ، فسألوهم عن مروان فأخبروهم بمكانه على أن يؤمنوهم فأمنوهم ، وساروا فوجدوه نازلاً في كنيسة ببوصير فقاتلوه ليلاً ، وكان أصحاب أبي عون قليلاً ، فقال لهم عامر بن إسماعيل : إن أصبحنا ورأوا قلتنا أهلكونا ، فكسر جفن سيفه وفعل أصحابه مثله ، وحملوا على أصحاب مروان فانهزموا ، وحمل رجل على مروان فطعنه وهو لا يعرفه فصرعه ، وصاح صالح جرح أمير المؤمنين فابتدروه ، فسبق إليه رجل من أهل الكوفة - كان يبيع الرمان - فاحتز رأسه ، فأخذه عامر بن إسماعيل فبعث به إلى أبي عون ، وبعثه أبو عون إلى صالح ، فلما وصل إليه أمر أن يقص ويقطع لسانه فأخذته هرة ، فقال صالح : لو لم ترنا الأيام من عجائبها إلا لسان مروان في فم هرة لكفانا ، وقيل : إن عبد الله بن علي هو الذي قال هذا ، قال : وسيره صالح إلى عبد الله فبعثه إلى السفاح ، وكان قتله لليلتين من ذى الحجة ، ورجع صالح إلى الشام ، وخلف أبا عون بمصر . ولما وصل الرأس إلى السفاح كان بالكوفة ، فلما رآه سجد ثم رفع رأسه ، فقال : الحمد لله الذي أظهرني عليك ، وأظفرني بك ، ولم يبق ثأري قبلك وقبل رهطك أعداء الدين ، ثم تمثل :
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم . . . ولا دماؤهم للغيظ ترويني قال : ولما قتل مروان قصد عامر الكنيسة التي فيها حرم مروان ، وكان قد وكل بهن خادماً له ، وأمره أن يقتلهن بعده ، فأخذه عامر وأخذهن ، وهن نساء مروان وبناته ، فسيرهن إلى صالح بن علي ، فلما دخلن عليه تكلمت ابنة مروان الكبرى

الصفحة 31