كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
أنزلوها بحيث أنزلها الل . . . ه بذات الهوان والإتعاس
واذكروا مصرع الحسين وزيداً . . . وقتيلاً بجانب المهراس
والقتيل الذي بحران أضحى . . . ثاوياً بين غربة وتناسي
فأمر بهم عبد الله فضربوا بالعمد حتى قتلوا ، وبسط عليهم الأنطاع فأكل الطعام عليها ، وهو يسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعاً ، وأمر عبد الله بن علي بنبش قبور بني أمية بدمشق ، فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء ، ونبش قبر يزيد بن معاوية فوجدوا فيه حطاماً كالرماد ، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا فيه جمجمة ، وكان يوجد في القبر العضو بعد العضو ، غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً ، لم يبل منه إلا أرنبة أنفه ، فضربه بالسياط ثم صلبه ثم حرقه وذراه في الريح ، وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ، فلم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس ، واستصفى مالهم من أموال وغيرها ، فلما فرغ منهم قال :
بني أمية قد أفنيت جمعكم . . . فكيف لي منكم بالأول الماضي
يطيب النفس إن النار تجمعكم . . . عوضتم من لظاها شر معتاض
إن كان غيظي لفوت منكم فلقد . . . رضيت منكم بما ربي به راض وقيل إن سديفاً أفسد الشعر ، الذي ذكرناه عنه للسفاح ومعه كانت الحادثة ، وقتل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بالبصرة منهم جماعة ، وألقاهم على الطريق فأكلتهم الكلاب ، فاختفى من قدر من بني أمية ، وتشتت شملهم ، وكان ممن اختفى منهم عمرو بن معاوية بن عمرو بن سفيان بن عتبة بن أبي سفيان ، قال : فكنت لا آتي مكاناً إلا عرفت فيه ، فضاقت علي الأرض فقصدت سليمان بن علي ، وهو لا يعرفني ، فقلت له : لفظتني البلاد إليك ، ودلني فضلك عليك ، فإما قتلتني فاسترحت ، وإما رددتني سالماً فأمنت ، فقال من أنت ؟ فعرفته بنفسي فعرفني ، فقال : مرحباً بك ، حاجتك ؟ فقلت : إن الحرم التي أنت أولى الناس بهن ، وأقربهم إليهن قد خفن لخوفنا ، ومن خاف خيف عليه ، فبكى كثيراً ثم قال : بل يحقن الله دمك ، ويوفر مالك ، ويحفظ حرمك ، ثم كتب إلى السفاح : يا أمير المؤمنين ، إنه قد وفد وافد بني أمية علينا ، وإنا إنما قتلناهم على عقوقهم لا على أرحامهم ، فإنا يجمعنا وإياهم