كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
على الخلاف ، وسار عبد الله وكان قد اجتمع مع أبي الورد جماعة أهل قنسرين ، وكاتبوا من يليهم من أهل حمص وتدمر ، فقدم منهم ألوف ، وقدموا عليهم أبا محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية ودعوا إليه ، وقالوا هو السفياني ، واجتمعوا في نحو أربعين ألفاً فعسكروا بمرج الأخرم ، ودنا عبد الله منهم ووجه إليهم عبد الصمد بن علي في عشرة آلاف ، وكان أبو الورد هو المدبر لعسكر قنسرين وصاحب القتال ، فناهضهم واقتتلوا وكثر القتل بينهم فانكشف عبد الصمد ، ولحق بأخيه عبد الله فأقبل عبد الله والتقوا بمرج الأخرم ، واقتتلوا قتالاً شديداً فانهزم أصحاب أبي الورد ، وثبت هو في خمسمائة من قومه فقتلوا جميعاً ، وهرب أبو محمد ومن معه حتى لحقوا بتدمر ، وأمن عبد الله أهل قنسرين وسودوا ، وبايعوه ودخلوا في طاعته ، ثم انصرف راجعاً إلى دمشق ، فلما دنا منها هرب الناس بغير قتال ، فأمن عبد الله أهلها ولم يؤاخذهم وبايعوه ، وأما أبو محمد السفياني فتغيب إلى أيام المنصور ، ولحق بالحجاز ، فكان كذلك إلى أن بلغ زياد بن عبد الله الحارثي عامل المنصور مكانه ، فبعث إليه خيلاً فقاتلوه فقتلوه . وقيل إن حرب أبي الورد كانت في سلخ ذى الحجة سنة ثلاث وثلاثين .
ذكر تبييض أهل الجزيرة وخلعهم
قال : وفي هذه السنة بيض أهل الجزيرة وخلعوا السفاح ، وساروا إلى حران وبها موسى بن كعب في ثلاثة آلاف من جند السفاح فحاصروه بها ، وليس على أهل الجزيرة رأس تجمعهم ، فقدم عليهم إسحاق بن مسلم العقيلي من أرمينية فاجتمع عليه أهل الجزيرة ، وحاصر موسى بن كعب نحواً من شهر ، فوجه أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر فيمن كان معه من الجنود بواسط محاصرين ابن هبيرة فساروا ، واجتاز بقرقيسيا والرقة وقد بيض أهلها ، فلما انتهى إلى حران رحل إسحاق بن مسلم إلى الرها ، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ، وخرج موسى بن كعب إليه ، ووجه إسحاق بن

الصفحة 35