كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 36 """"""
مسلم أخاه بكار بن مسلم إلى جماعة ربيعة بدارا وماردين ، ورئيس ربيعة يومئذ رجل من الحرورية يقال له بريكة ، فعمد إليهم أبو جعفر فقاتلهم قتالاً شديداً ، فقتل بريكة في المعركة ، وانصرف بكار بن مسلم إلى أخيه بالرها فخلفه إسحاق بها ، وسار إلى سميساط فسار حتى نزل بإزاء إسحاق بها ، وإسحاق يومئذ في ستين ألفاً وبينهم الفرات ، وأقبل أبو جعفر من الرها وحاصر إسحاق بسميساط سبعة أشهر ، وكان إسحاق يقول : في عنقي بيعة ، فأنا لا أدعها حتى أعلم أن صاحبها مات أو قتل ، فلما تيقن قتله طلب الصلح والأمان ، فكتبوا بينهم كتاباً بذلك ، وخرج إسحاق إلى أبي جعفر وكان عنده من آثر أصحابه ، فاستقام أهل الجزيرة والشام ، واستعمل أبو العباس السفاح أبا جعفر على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان ، فلم يزل عليها حتى استخلف .
ذكر قتل أبي سلمة الخلال وسليمان بن كثير
قد ذكرنا ما كان من أمر أبي سلمة مع أبي العباس السفاح في مبتدأ الأمر ، وما عامله به عند مقدمه وتنكر السفاح له ، فلما فارق العسكر ونزل المدينة الهاشمية كتب إلى أبي مسلم الخراساني ، يعلمه بخبره وما كان من أمره ، فكتب إليه : إن كان أمير المؤمنين قد اطلع على ذلك فليقتله ، فلما قدم عليه كتابه قال داود بن علي : لا تفعل يا أمير المؤمنين فيحتج بها أبو مسلم عليك ، وأهل خراسان الذين معك أصحابه ، ولكن اكتب إلى أبي مسلم أن يبعث إليه من يقتله ، فكتب إليه فبعث أبو مسلم مرار بن أنس الضبي ليقتله ، فقدم على السفاح وأعلمه ، فأمر السفاح منادياً فنادى : إن أمير المؤمنين قد رضي على أبي سلمة ، ودعاه فكساه ، ثم دخل بعد ذلك عليه في ليلة فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل ، وانصرف إلى منزله وحده فقتله مرار بن أنس ، وقالوا قتله الخوارج ، ثم أخرج من الغد فصلى عليه يحيى بن محمد أخو السفاح ، ودفن بالمدينة الهاشمية فقال سليمان بن المهاجر البجلي فيه :
إن الوزير وزير آل محمد . . . أودى فمن يشناك صار وزيرا

الصفحة 36