كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 37 """"""
وكان يقال لأبي سلمة وزير آل محمد ، ولأبي مسلم أمين آل محمد ، قال : فلما قتل وجه السفاح أخاه أبا جعفر إلى أبي مسلم ، فلما قدم سايره عبيد الله بن الحسن الأعرج وسليمان بن كثير ، فقال سليمان لأبي جعفر : يا هذا إنا كنا نرجو أن يتم أمركم ، فإذا شئتم فادعونا إلى ما تريدون ، فظن عبيد الله أنه دسيس من أبي مسلم ، فأتى إلى أبي مسلم وأخبره بمقالة سليمان ، فأحضر أبو مسلم سليمان بن كثير وقال له : أتحفظ قول الإمام - من اتهمته فاقتله - قال : نعم ، قال فإني قد اتهمتك ، قال : أنشدك الله قال لا تناشدني فأنت منطو على غش الإمام ، وأمر به فضربت عنقه ، ورجع أبو جعفر إلى السفاح فقال له : لست خليفة ولا أمرك بشيء إن تركت أبا مسلم ولم تقتله ، وقال : وكيف ؟ قال : والله ما يصنع إلا ما أراد ، قال السفاح : فاكتمها .
ووجه أبو مسلم الخراساني محمد بن الأشعث على فارس ، وأمره أن يقتل عمال أبي سلمة ففعل ذلك ، فوجه السفاح عمه عيسى بن علي على فارس وعليها محمد بن الأشعث ، فأراد محمد قتل عيسى فقيل له : إن هذا لا يسوغ لك ، فقال : بلى ، أمرني أبو مسلم أن لا يقدم علي أحد يدعي الولاية من غيره إلا قتلته ، ثم ترك عيسى خوفاً من عاقبة قتله ، واستحلف عيسى الأيمان المغلظة : أن لا يعلو منبراً ، ولا يتقلد سيفاً إلا في جهاد ، فلم يل عيسى بعدها ولاية ، ولا تقلد سيفاً إلا في غزوة ، ثم وجه السفاح بعد ذلك إسماعيل بن علي والياً على فارس .
ذكر أخبار ابن هبيرة وما كان من أمره
قد ذكرنا أنه كان قد تحصن بواسط ، وأرسل أبو سلمة الحسن بن قحطبة لحصاره فحصره بواسط ، وكانت بينهم وقعات أكثرها على ابن هبيرة ، فلما ظهر السفاح بعث أخاه أبا جعفر ، لقتال ابن هبيرة بعد رجوعه من خراسان ، وكتب إلى الحسن : إن العسكر عسكرك ، والقواد قوادك ، ولكن أحببت أن يكون أخي حاضراً فاسمع له وأطع ، وأحسن مؤازرته ، وكتب إلى مالك بن الهيثم بمثل ذلك ، فلما قدم تحول الحسن عن خيمته وأنزله فيها ، ودام حصاره لابن هبيرة بواسط أحد عشر شهراً ، اقتتلوا فيها عدة وقعات ، فلما بلغهم مقتل مروان طلبوا الصلح ، وكان ابن هبيرة أراد أن يدعو إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ، فكتب إليه فأبطأ جوابه ، وكاتب السفاح اليمانية من أصحاب ابن هبيرة وأطمعهم ، فخرج إليه زياد بن صالح وزياد بن عبيد الله الحارثيان ، ووعدا ابن هبيرة أن يصلحا له ناحية السفاح فلم يفعلا ، وخرجت السفراء بين أبي جعفر وابن هبيرة ، حتى جعل له أماناً وكتب له كتاباً ، مكث ابن هبيرة يشاور العلماء فيه أربعين يوماً حتى رضيه ، وأمر

الصفحة 37