كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 38 """"""
السفاح بإمضائه ، وكان رأي أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه ، وكان السفاح لا يقطع أمراً دون أبي مسلم ، فكتب السفاح إليه بخبر ابن هبيرة ، فكتب أبو مسلم إليه : إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد ، لا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة .
قال : ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر في ألف وثلاثمائة ، وأراد أن يدخل على دابته ، فقام إليه الحاجب سلام بن سليم فقال : مرحباً يا أبا خالد ، انزل راشداً فنزل ، وقد أطاف بحجرة المنصور عشرة آلاف من أهل خراسان ، فأدخل ابن هبيرة وحده فحادثه ساعة ، ثم مكث يأتيه يوماً ويتركه يوماً ، وكان يأتيه في خمسمائة فارس وثلاثمائة ، فقيل لأبي جعفر : إن ابن هبيرة ليأتي فيتضعضع له العسكر ، فأنقص من سلطانه شيئاً ، فأمره أبو جعفر ألا يأتي إلا في حاشيته ، فكان يأتي في ثلاثين ثم صار يأتي ثلاثة أو أربعة ، وألح السفاح على أبي جعفر بقتل ابن هبيرة وهو يراجعه ، حتى كتب له : والله لتقتلنه أو لأرسلن إليه من يخرجه من حجرتك ويتولى قتله ، فبعث أبو جعفر من ختم بيوت الأموال ، ثم بعث إلى وجوه من مع ابن هبيرة فأحضرهم ، فأقبل محمد بن نباتة ، وحوثرة بن سهيل في اثنين وعشرين رجلاً ، فأدخل الحاجب حوثرة وابن نباتة فنزعت سيوفهما وكتفا ، واستدعى أبو جعفر رجلين رجلين ففعل بهما كذلك ، فقال بعضهم : أعطيتمونا عهد الله وغدرتم ، إنا لنرجو أن يدرككم الله ، وبعث خازم بن خزيمة والهيثم بن شعبة في مائة إلى ابن هبيرة ، فقالوا : نريد حمل المال ، فقال لحاجبه دلهم على الخزائن ففعل ، فأقاموا عند كل بيت نفراً ، وأقبلوا نحوه وعنده ابنه داود وعدة من مواليه وبني له صغير في حجره ، فقام حاجبه في وجوههم فضربه الهيثم على حبل عاتقه فصرعه ، وقاتل ابنه داود فقتل ، وقتل مواليه ، ونحى ابنه من حجره وقال : دونكم وهذا الصبي وخر ساجداً فقتل ، وحملت رءوسهم إلى أبي جعفر ، فأمر فنودي بالأمان للناس إلا الحكم بن عبد الملك وخالد بن سلمة المخزومي ، فهرب الحكم وأمن أبو جعفر خالداً فقتله السفاح ، ولم يجز أمان أبي جعفر .
ذكر ولاية يحيى بن محمد الموصل ومن قتله بها
وفي هذه السنة استعمل السفاح أخاه يحيى على الموصل ، وسبب ذلك أن أهل الموصل امتنعوا من طاعة عاملهم محمد بن صول ، وقالوا : لا يلي علينا مولى لخثعم ، وأخرجوه عنهم ، فكتب بذلك إلى السفاح ، فاستعمل عليهم أخاه يحيى وسيره إليها في اثني عشر ألفاً ، فنزل قصر الإمارة ولم يظهر لهم ما يكرهونه ولا عارضهم

الصفحة 38