كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 39 """"""
في أمر ، ثم دعاهم فقتل منهم اثني عشر رجلاً ، فنفر أهل البلد وحملوا السلاح فأعطاهم الأمان ، وأمر فنودي من دخل الجامع فهو آمن ، فأتاه الناس يهرعون ، فأقام يحيى الرجال على أبواب الجامع فقتلوا الناس قتلاً ذريعاً ، أسرفوا فيه فقيل إنه قتل عشرين ألفاً ممن له خاتم ، ومن ليس له خاتم ما شاء الله ، فلما كان الليل سمع يحيى صراخ النساء يبكين رجالهن ، فقال : إذا كان الغد فاقتلوا النساء والصبيان ، فقتلوا منهم ثلاثة أيام ، وكان في عسكره قائد معه أربعة آلاف زنجي ، فأخذوا النساء قهراً ، فلما فرغ يحيى من قتل أهل الموصل ركب في اليوم الرابع ، وبين يديه الحراب والسيوف مصلته ، فاعترضته امرأة وأخذت بعنان دابته ، فأراد أصحابه قتلها فنهاهم ، فقالت له : ألست من بني هاشم ؟ ألست من بني عم رسول الله ؟ أما تأنف للعربيات المسلمات أن ينكحهن الزنج ؟ فأمسك عن جوابها وبعث معها من أبلغها مأمنها ، فلما كان الغد جمع الزنج للعطاء فاجتمعوا ، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم . وقيل : كان السبب في قتل أهل الموصل ما ظهر منهم من كراهية بني العباس ، وأن امرأة غسلت رأسها وألقت الخطمي من السطح ، فوقع على رأس بعض الخراسانية فظنها فعلت ذلك تعمداً ، فاقتحم الدار وقتل أهلها ، فثار أهل البلد وقتلوه وثارت الفتنة ، وممن قتل معروف بن أبي معروف ، وكان من الزهاد العباد قد أدرك كثيراً من الصحابة رضي الله عنهم وروى عنهم .
ذكر عمال السفاح
في هذه السنة كان العامل على مكة والمدينة واليمن واليمامة داود بن علي عم السفاح ، وكان قبل ذلك على الكوفة وسوادها فنقله واستعمل على الكوفة وسوادها ابن أخيه عيسى بن موسى ، واستقضى على الكوفة ابن أبي ليلى ، وكان العامل على البصرة سفيان بن معاوية المهلبي ، وعلى قضائها الحجاج بن أرطاة ، وعلى السند منصور بن جمهور ، وعلى فارس محمد بن الأشعث ، وعلى الجزيرة وأرمينية وأذربيجان أبا جعفر عبد الله بن محمد بن علي ، وعلى الشام عبد الله بن علي ، وعلى مصر أبا عون عبد الملك بن يزيد ، وعلى الموصل يحيى بن محمد ، وعلى خراسان والجبال أبا مسلم ، وعلى ديوان الخراج خالد بن برمك . وحج بالناس في هذه السنة داود بن علي .

الصفحة 39