كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
وقال بعض المؤرخين إنه صار إلى علي بن الحسين ، ثم إلى محمد بن علي الباقر ، ثم إلى جعفر بن محمد ، والذي عليه الأكثر أن محمد بن الحنفية أوصى به إلى ابنه أبي هاشم ، فلم يزل قائماً بأمر الشيعة ، فلما كان في أيام سليمان بن عبد الملك وفد عليه فأكرمه سليمان ، وقال ما ظننت قرشياً قط يشبه هذا وقضى حوائجه ، ثم شخص من عنده يريد فلسطين ، فلما كان ببلد لخم وجذام ضربت له أبنية في الطريق ومعهم اللبن المسموم ، فكلما مر بقوم قالوا : هل لك في الشراب ، فيقول جزيتم خيراً ، حتى مر بآخرين فعرضوا عليه ، وهو يظنهم أنهم من لخم وجذام ، فقال هاتوا الشراب ، فلما استقر في جوفه أحس السم ، فقال لأصحابه إني ميت ، فانظروا من القوم ؟ فنظروا من القوم فإذا هم قوضوا أبنيتهم ورحلوا ، فقال ميلوا بي إلى ابن عمي وأسرعوا ، فإني أحسب أني لا ألحقه ، وكان محمد بن علي والد أبي العباس السفاح بالحميمية من أرض الشراة بالشام .
ذكر تفويض أمر الشيعة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وبثه الدعاة
قال : فلما وصل أبو هاشم إلى محمد بن علي قال : يا ابن عم ، إني ميت وأنت صاحب هذا الأمر ، وولدك ابن الحارثية هو القائم به ، ثم أخوه من بعده ، والله لا يتم هذا الأمر حتى تخرج الرايات السود من خراسان ، ثم ليغلبن على ما بين حضرموت وأقصى أفريقية وما بين الهند وأقضى فرغانة ، فعليك بهؤلاء الشيعة فهم دعاتك وأنصارك ولتكن دعوتك خراسان ، واستبطن هذا الأمر الحي من اليمن ، فإن كل ملك لا يقوم بهم ، فأمره إلى انتقاض وأمرهم فليجعلوا اثني عشر نقيباً وبعدهم سبعين نقيباً ، فإن الله تعالى لم يصلح بني إسرائيل إلا بهم ، وقد فعل ذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فإذا مضت سنة الحمار فوجه رسلك نحو خراسان ، فمنهم من يقتل ومنهم من ينجو ، حتى يظهر الله دعوتكم ، فقال محمد بن علي : أبا هاشم وما سنة الحمار ، قال إنه لم تمض مائة سنة من نبوة إلا انتقض أمرها ، لقوله تعالى " أو كالذي مر على قرية " إلى قوله " فأماته الله مائة عام " .
واعلم أن صاحب هذا الأمر من ولدك عبد الله بن الحارثية ، ثم مات أبو هاشم وكان قد أعلم شيعته من

الصفحة 4