كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 45 """"""
ذكر خلافة المنصور
هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وأمه سلامة بنت بشر بن يزيد ، وهو الثاني من خلفاء بني العباس . وكان أخوه السفاح قبل وفاته قد عقد البيعة له في هذه السنة ، وجعله ولي عهد المسلمين من بعده ، وجعل من بعده ولد أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي ، وجعل العهد في ثوب وختمه بخاتمه وخواتيم أهل بيته ودفعه إلى عيسى بن موسى ، فلما توفي السفاح كان أبو جعفر بمكة ، فأخذ البيعة له عيسى بن موسى ، وكتب إلى أبي جعفر يعلمه بوفاة السفاح والبيعة له ، فلقيه الرسول بمنزل صفية ، فقال : صفت لنا إن شاء الله ، وكتب إلى أبي مسلم يستدعيه ، وكان قد حج أيضاً وقد تقدم المنصور فأقبل إليه ، فلما جلس ألقى إليه الكتاب فقرأه وبكى واسترجع ، ونظر إلى أبي جعفر وقد جزع جزعاً شديداً ، فقال : ما هذا الجزع وقد أتتك الخلافة ؟ فقال أتخوف شر عمي عبد الله وشيعة علي ، فقال : لا تخفه فأنا أكفيكه إن شاء الله تعالى ، إنما عامة جنده ومن معه أهل خراسان ، وهم لا يعصونني فسرى عنه ، وبايع له أبو مسلم ، وأقبلا حتى قدما الكوفة ، قال : ولما بايع عيسى بن موسى الناس لأبي جعفر أرسل إلى عبد الله بن علي بالشام ، يخبره بوفاة السفاح وبيعة المنصور ، وأمره أن يأخذ البيعة للمنصور فبايع لنفسه .
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة .
في هذه السنة قدم أبو جعفر المنصور من مكة إلى الكوفة ، فصلى بأهلها الجمعة وخطبهم ، وسار إلى الأنبار فأقام بها وجمع أطرافه ، وكان عيسى بن موسى قد أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين حتى قدم فسلم الأمر إليه .
ذكر خروج عبد الله بن علي وقتاله وهزيمته
كان عبد الله بن علي قدم على السفاح ، فجعله على الصائفة وسير معه أهل الشام وخراسان ، فسار حتى بلغ دلوك ولم يدرب ، فأتاه الخبر بوفاة السفاح وبيعة المنصور ، فرجع وبايع لنفسه وأعلم الناس أن السفاح لما وجه الجنود إلى مروان بن محمد دعا أهل بيته ، وقال : من انتدب منكم لقتال مروان وسار إليه فهو ولي عهدي ،