كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 47 """"""
فلما كان يوم الثلاثاء أو الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سبع وثلاثين التقوا واقتتلوا ، فانهزم أصحاب عبد الله وتركوا معسكرهم فحواه أبو مسلم ، وكتب بذلك إلى المنصور ، فأرسل أبا الخصيب مولاه يحصي ما أصابوا من العسكر ، فغضب أبو مسلم . قال : ومضى عبد الله وعبد الصمد ابنا علي ، فقدم عبد الصمد الكوفة فاستأمن له عيسى بن موسى المنصور ، وأما عبد الله فإنه أتى أخاه سليمان بن علي بالبصرة ، فأقام عنده زماناً متوارياً .
ذكر مقتل أبي مسلم الخراساني
وكان مقتله لخمس بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة ، قال : وسبب ذلك أن المنصور كان قد حقد عليه أشياء كثيرة ، منها أن أبا مسلم كان قد كتب إلى السفاح يستأذنه فأذن له ، وكتب السفاح إلى المنصور - وهو على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان - أن أبا مسلم استأذنني في الحج وأذنت له ، وهو يريد أن أوليه الموسم فاستأذني أنت في الحج ، فإنك إذا كنت بمكة لا يطمع أن يتقدمك ، فكتب المنصور إلى السفاح يستأذنه في الحج فأذن له ، فقال أبو مسلم : ما وجد أبو جعفر عاماً يحج فيه غير هذا وحجا معاً ، فكان أبو مسلم يكسو الأعراب ، ويصلح الآبار والطرق ، فصار الذكر له ، فلما صدر الناس عن الموسم تقدم أبو مسلم في الطريق على المنصور ، وأتاه خبر السفاح كما قدمناه ، فكتب إلى أبي جعفر يعزيه بالسفاح ولم يهنئه بالولاية ، ولم يقم حتى يلحقه ولم يرجع ، فغضب المنصور لذلك وكتب كتاباً غليظاً ، فلما أتاه الكتاب كتب إليه يهئنه بالخلافة ، وتقدم أبو مسلم فأتى الأنبار ، فدعا عيسى بن موسى إلى أن يبايع له ، فأبى عيسى وقد قيل في أمره ما قدمناه ، ثم جهزه لمحاربة عبد الله بن علي ومعه الحسن بن قحطبة ، فأرسل الحسن إلى أبي أيوب وزير المنصور يقول : إني قد ارتبت من أبي مسلم ، فإنه يأتيه كتاب أمير المؤمنين فيقرأه ثم يلقيه إلى أبي الهيثم ويضحكان استهزاءً ، فقال أبو أيوب : نحن لأبي مسلم أشد تهمة منا لعبد الله .
فلما انهزم عبد الله وبعث المنصور أبا الخصيب يجمع الأموال ، فأراد أبو مسلم قتله فكلم فيه فخلى سبيله ، وقال : أنا أمين على الدماء خائن في الأموال ، وشتم

الصفحة 47