كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
قال : وكان أبو مسلم قد سمع الحديث من عكرمة وأبي الزبير المكي وثابت البناني ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس والسدي وروى عنه إبراهيم بن ميمون الصائغ وعبد الله بن المبارك وغيرهما ، وقيل لعبد الله بن المبارك : أبو مسلم كان خيراً أو الحجاج ؟ قال : لا أقول إن أبا مسلم خير من أحد ، ولكن الحجاج كان شراً منه ، وكان أبو مسلم فاتكاً شجاعاً ذا رأي وتدبير وحزم وعقل ومروءة . قال : ولما قتل كتب المنصور إلى أبي نصر مالك بن الهيثم عن لسان أبي مسلم يأمره بحمل ثقله ، وما خلف عنده ، وأن يقدم ، وختم الكتاب بخاتم أبي مسلم ، فلما رأى الخاتم تاماً علم أن أبا مسلم لم يكتبه ، فقال : أفعلتموها ، وانحدر إلى همذان وهو يريد خراسان ، فكتب المنصور له عهد على شهرزور ، وكتب إلى زهير بن التركي وهو على همذان ، إن مر بك أبو نصر فاحبسه ، فأتاه الكتاب وهو بهمذان ، فقال له زهير : قد صنعت لك طعاماً ، فلو أكرمتني بدخول منزلي ، فحضر عنده فأخذه زهير وحبسه ، وقدم صاحب العهد على أبي نصر فخلى زهير سبيله لهواه فيه فخرج ، ثم كتب المنصور إلى زهير بقتله ، فقال جاءني كتاب بعهده فخليت سبيله ، ثم قدم أبو نصر على المنصور فقال : أشت على أبي مسلم بالمضي إلى خراسان ، قال : نعم ، كانت له عندي أياد فنصحته ، وإن اصطنعني أمير المؤمنين نصحت له وشكرت ، فعفا عنه ، فلما كان يوم الراوندية قام أبو نصر على باب القصر ، وقال : أنا البواب اليوم ، لا يدخل أحد وأنا حي ، فعلم المنصور أنه نصح له ، وقيل إن زهيراً سير أبا نصر إلى المنصور مقيداً ، فمن عليه واستعمله على الموصل والله أعلم .
ذكر خروج سنباذ بخراسان
وفي هذه السنة خرج سنباذ بخراسان يطلب بدم أبي مسلم ، وكان مجوسياً من قرية من قرى نيسابور يقال اهروانه ، وكان من صنائع أبي مسلم فخرج غضباً لقتله ، وكثر أتباعه وكان عامتهم من أهل الجبال ، فغلب على نيسابور وقومس والري