كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 55 """"""
وفيها استولى عبد الرحمن بن معاوية على بلاد الأندلس ، على ما نذكره في أخبار الدولة الأموية بالمغرب . وفيها عزل المنصور سليمان بن علي عن البصرة ، فاختفى أخوه عبد الله بن علي ومن معه من أصحابه ، خوفاً من المنصور ، فأرسل المنصور إلى سليمان وعيسى ابني علي في إحضار عبد الله ، وأمنه فأحضراه إليه وقواده ومواليه في ذى الحجة ، فحبسه المنصور ومن معه من أصحابه ، ثم قتل بعضهم بحضرته ، وبعث بقيتهم إلى خالد بن إبراهيم - عامل خراسان - فقتلهم بها ، واستعمل على البصرة سفيان بن معاوية . وحج بالناس العباس بن محمد بن علي .
ودخلت سنة أربعين ومائة .
في هذه السنة : هلك أبو داود خالد بن إبراهيم الذهلي عامل خراسان ، وكان سبب هلاكه أن ناساً من الجند ثاروا به - وهو بكشماهن - ووصلوا إلى المنزل الذي هو فيه ، فأشرف عليهم من الحائط ووطيء حرف آجرة ، وجعل ينادي أصحابه ليعرفوا صوته ، فانكسرت الآجرة به عند الصباح ، فسقط على الأرض فانكسر ظهره فمات عند صلاة العصر ، فاستعمل المنصور عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي ، فقدم وأخذ جماعة من القواد الذين أتهمهم بالدعاء لولد علي بن أبي طالب فقتلهم ، وحبس جماعة .
وفيها سير المنصور عبد الوهاب ابن أخيه إبراهيم الإمام ، والحسن بن قحطبة ، في سبعين ألف مقاتل إلى ملطية ، فعمروا ما كان خربه الروم منها في ستة أشهر ، وأسكنها أربعة آلاف من الجند ، وأكثر فيها السلاح والذخائر ، وبنى حصن قلوذية ، فعاد إلى ملطية من كان جلا منها .
وفيها حج المنصور فأحرم من الحيرة ، فلما قضى حجه توجه إلى البيت المقدس ، ثم سار منه إلى الرقة فقتل بها منصور بن جعونة العامري ، وعاد إلى هاشمية الكوفة .
وفيها أمر المنصور بعمارة مدينة المصيصة على يد جبريل بن يحيى ، وكان سورها قد تشعث من الزلازل وأهلها قليل ، فبنى السور وسماها المعمورة ، وبنى بها مسجداً جامعاً ، وفرض فيه لألف رجل ، وأسكنها كثيراً من أهلها .