كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 57 """"""
وحبس بعضهم ، فبلغ ذلك المنصور ، وأتاه كتاب بعضهم يقول : قد نغل الأديم ، فقال المنصور لأبي أيوب : إن عبد الجبار قد أفنى شيعتنا ، وما فعل ذلك إلا وهو يريد أن يخلع ، فقال اكتب إليه : إنك تريد غزو الروم فليوجه إليك الجنود من خراسان ، وعليهم فرسانهم ووجوهم ، فإذا خرجوا منها فابعث إليه من شئت فلا يمتنع ، فكتب إليه المنصور فأجابه أن الترك قد جاشت ، وإن فرقت الجند ذهبت خراسان ، فألقى الكتاب إلى أبي أيوب وقال : ما ترى ، فقال : قد أمكنك من قياده ، اكتب إليه : إن خراسان أهم إلي من غيرها ، وأنا موجه إليك الجنود ، ثم وجه الجنود ليكونوا بخراسان ، فإن هم بخلع أخذوا بعنقه ، فلما ورد الكتاب على عبد الجبار أجابه : إن خراسان لم تكن أسوأ حالاً منها العام ، وإن دخلها الجنود هلكوا لضيق ما هم فيه من الغلاء ، فلما أتاه الكتاب ألقاه إلى أبي أيوب ، فقال له أبو أيوب : قد أبدى صفحته ، وقد خلع فلا تناظره ، فوجه المنصور إليه المهدي ، وأمره بنزول الري ، فسار المهدي ووجه خازم بن خزيمة بين يديه لحرب عبد الجبار ، ونزل المهدي نيسابور ، فلما بلغ ذلك أهل مرو الروذ ساروا إلى عبد الجبار ، وقاتلوه قتالاً شديداً فانهزم منهم ، والتجأ إلى مقطنة فتوارى فيها ، فعبر إليه المجشر بن مزاحم من أهل مرو الروذ فأخذه أسيراً ، فلما قدم خازم أتاه به وألبسه جبة صوف ، وحمله على بعير وجعل وجهه مما يلي عجز البعير ، وحمله إلى المنصور ومعه ولده وأصحابه ، فبسط عليهم العذاب واستخرج منهم الأموال ، ثم أمر فقطعت يد عبد الجبار ورجلاه وضربت عنقه ، وأمر بتسيير ولده إلى دهلك - جزيرة باليمن ، فلم يزالوا بها حتى أغار عليهم الهند فسبوهم فيمن سبوا ، ثم فودوا بعد ذلك . وقيل كان أمر عبد الجبار في سنة اثنتين وأربعين في شهر ربيع الأول .
ذكر فتح طبرستان
قال : ولما ظفر المهدي بعبد الجبار بغير تعب كره المنصور أن تبطل تلك النفقات التي أنفقت على المهدي ، فكتب إليه أن يغزو طبرستان وينزل الري ، ويوجه أبا الخصيب وخازم بن خزيمة والجنود إلى الإصبهبذ ، وكان الإصبهبذ يومئذ محارباً المصمغان ملك دنباوند ، فبلغه دخول الجند بلاده ، ثم قال المصمغان للإصبهبذ