كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 59 """"""
ذكر نكث الإصبهبذ
في هذه السنة : نقض الإصبهبذ بطبرستان العهد بينه وبين المسلمين ، وقتل من كان ببلاده منهم ، فلما انتهى الخبر إلى المنصور سير مولاه أبا الخصيب ، وخازم بن خزيمة ، وروح بن حاتم ، وأقاموا يحاصرون الحصن وهو فيه ، ولما طال عليهم المقام احتال أبو الخصيب في ذلك ، فقال لأصحابه : اضربوني واحلقوا رأسي ولحيتي ففعلوا ذلك به ، ولحق بالإصبهبذ فقال له : إنهم فعلوا بي هذا لأنهم تهموني أن هواي معك ، وقال له : إنما أدلك على عورة عسكرهم ، فقبل الإصبهبذ ذلك وجعله في خاصته ، وكان باب حصنه من حجر ، وكان يوكل بفتحه وغلقه ثقات أصحابه نوباً بينهم ، فلما وثق الإصبهبذ بأبي الخصيب وكله بالباب فتولى فتحه وغلقه ، فكتب أبو الخصيب إلى روح وخازم وأعلمهم أنه قد ظفر ، وأوعدهم ليلة بفتح الباب ، فلما كان في تلك الليلة فتح لهم ، فدخلوا الحصن فقتلوا من فيه من المقاتلة وسبوا الذرية ، وأخذوا شكلة أمر إبراهيم بن المهدي ، وكان مع الإصبهبذ سم فشربه فمات ، وقيل إن ذلك كان في سنة ثلاث وأربعين .
وفي هذه السننة مات سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس في جمادى الآخرة وعمره تسع وخمسون سنة ، وفيها عزل نوفل بن الفرات عن مصر ، ووليها حميد بن قحطبة ، وولى المنصور أخاه العباس بن محمد على الجزيرة والثغور والعواصم ، وعزل عمه إسماعيل عن الموصل واستعمل عليها مالك بن الهيثم الخزاعي . وحج بالناس إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس .
ودخلت سنة ثلاث وأربعين ومائة .
في هذه السنة : ثار الديلم بالمسلمين فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، فندب الناس المنصور إلى قتال الديلم وجهادهم ، وفيها عزل الهيثم بن معاوية عن مكة والطائف ، واستعمل السري بن عبد الله بن الحارث بن العباس ، وفيها عزل حميد بن قحطبة عن مصر واستعمل عليها يزيد بن حاتم ، وحج بالناس في هذه السنة عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله .