كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 60 """"""
ودخلت سنة أربع وأربعين ومائة . في هذه السنة : سير المنصور الناس من أهل الكوفة والبصرة والجزيرة والموصل إلى غزو الديلم ، واستعمل عليهم محمد بن أبي العباس السفاح . وفيها عزل المنصور عن المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسري ، واستعمل عليها رياح بن عثمان المري ، وكان سبب ذلك أن المنصور كان يتطلب محمد بن عبد الله بن الحسن وأخاه إبراهيم بن عبد الله ، فلما استعمل محمد بن خالد على المدينة أمره بطلبهما ، فقدم المدينة وأنفق أأموالاً عظيمة في طلبهما ، فلم يظفر بهما فعزله واستعمل رياحاً ، وأمره بمطالبة القسري بالأموال وطلب محمد وإبراهيم ، فقدم المدينة وطالب محمد بن خالد بالمال وضربه وسجنه ، وأخذ كاتبه رزاماً وعاقبه ، وألزمه أن يذكر له ما أخذ محمد من الأموال ، فلم يجبه إلى ذلك ، فلما طال عليه الأمر وشدد عليه العذاب أجابه ، فقال له رياح : أحضر الرقيعة وقت اجتماع الناس ، فلما اجتمع الناس أحضره ، فقال : أيها الناس إن الأمير أمرني أن أرفع على محمد بن خالد ، وقد كتبت كتاباً وأنا أشهدكم أن كل ما فيه باطل ، فأمر به رياح فضرب مائة سوط ورده إلى السجن .
وفيها حج المنصور فلما عاد من حجه إلى المدينة لم يدخلها ، ونزلل الربذة ، وكان قد أمر رياحاً بحبس أولاد الحسن فحبسهم ، فلما رجع أمر بحملهم إلى العراق ، فأخرجهم من السجن إلى الربذة والأغلال في أعناقهم وأرجلهم ، وحملوا بغير وطاء ، وحبسهم بقصر ابن هبيرة ، وضرب محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان - وكان قد حبسه معهم - خمسين ومائة سوط ، فسالت إحدى عينيه بضربة أصابتها ، ومحمد هذا هو الذي يسمى الديباج ، كل ذلك لخوفه من ظهور محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ودخلت سنة خمس وأربعين ومائة .
ظهور محمد بن عبد الله
في هذه السنة : ظهر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة ، وأخرج