كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 65 """"""
ذكر وفاة عبد الله بن علي وخبر عيسى بن موسى
قال : كان المنصور قد أحضر عيسى بن موسى بعد أن خلع نفسه ، وسلم إليه عمه عبد الله بن علي وأمره بقتله ، وقال : إن الخلافة صائرة إليك بعد المهدي ، فاضرب عنقه وإياك أن تضعف ، فينتقض علي أمري الذي دبرته ، ثم مضى المنصور إلى مكة وكتب إلى عيسى من الطريق يستعلم منه : ما فعل في الذي أمره ، فكتب إليه عيسى : قد أنفذت ما أمرت به ، فلم يشك أنه قتله ، وكان عيسى حين أخذ عبد الله من المنصور دعا كاتبه يونس بن أبي فروة ، واستشاره في أمره ، فقال : إنما أراد المنصور أن يقتله ثم يقتلك به ، لأنه أمرك بقتله سراً ثم يدعيه عليك علانية ، فلا تقتله ولا تدفعه إليه سراً أبداً ، واكتم أمره ، ففعل عيسى ذلك ، فلما قدم المنصور وضع على أعمامه من حركهم على الشفاعة في أخيهم عبد الله ، ففعلوا فشفعهم فيه ، وقال لعيسى : إني دفعت إليك عمي وعمك عبد الله ليكون في منزلك ، وقد كلمني عمومتك فيه وقد صفحت عنه فإيتنا به ، فقال : يا أمير المؤمنين ألم تأمرني بقتله قال : ما أمرتك إلا بحبسه ، قال : بلى ، قد أمرتني ، فكذبه ، ثم قال لعمومته : إن هذا قد أقر بقتل أخيكم ، قالوا : فادفعه لنا نقيده به ، فسلمه إليهم فخرجوا به إلى الرحبة واجتمع الناس ، وقام أحدهم ليقتله فقال عيسى : أفاعل أنت قال : إي والله ، فقال : ردوني إلى أمير المؤمنين فردوه إليه ، فقال : إنما أردت بقتله أن تقتلني ، هذا عمك حي سوي ، قال : إيتنا به فأتاه به ، فقال المنصور : يدخل حتى أرى فيه رأيي ثم صرفهم ، وجعله في بيت أساسه ملح ، ثم أجرى الماء على أساسه فسقط عليه البيت فمات ، ودفن بمقابر المسلمين بباب الشام وهو أول من دفن فيها ، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة .
وحج المنصور في هذه السنة بالناس .
ودخلت سنة ثمان وأربعين ومائة .
ذكر خروج حسان بن مجالد بن يحيى بن مالك بن الأجدع الهمداني
قال : وكان خروجه بنواحي الموصل بقرية بافخارى - وهي قرب الموصل على دجلة ، فخرج إليه عسكر الموصل فهزمهم وعليهم الصقر بن نجدة ، ثم سار

الصفحة 65