كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 67 """"""
عن السند ، واستعمل عليها هشام بن عمرو التغلبي ، واستعمل عمر بن حفص على أفريقية ثم عزله عنها ، واستعمل يزيد بن حاتم بن قبيصة بن أبي صفرة .
ذكر بناء الرصافة للمهدي
في هذه السنة قدم المهدي من خراسان في شوال ، فقدم عليه أهل بيته من الشام والكوفة وغيرها ، فهنأوه بقدومه فأجازهم وحملهم وكساهم ، وفعل بهم المنصور مثل ذلك ، وبنى الرصافة ، وكان سبب بنائها أن بعض الجند شغبوا على المنصور وحاربوه على باب الذهب ، فدخل عليه قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس ، وهو شيخهم وله الحرمة فيهم والتقدم عندهم ، فقال له المنصور : أما ترى ما نحن فيه من وثوب الجند علينا ، وقد خفت أن تجمع كلمتهم فيخرج هذا الأمر من أيدينا ، فما ترى ؟ فقال : يا أمير المؤمنين عندي رأي ، وإن أظهرته لك فسد وإن تركتني أمضيته وصلحت خلافتك ، وهابك الجند ، قال : أفتمضي في خلافتي شيئاً لا أعلمه ؟ فقال له : إن كنت عندك متهماً فلا تشاورني ، وإن كنت مأموناً فدعني أفعل رأيي ، فقال له : امضه ، فانصرف قثم إلى منزله فدعا غلاماً له فقال له : إذا كان غداً فتقدمني فاجلس في دار أمير المؤمنين ، فإذا دخلت وتوسطت أصحاب المراتب فخذ بعنان بغلتي ، واستحلفني بحق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وحق العباس وحق أمير المؤمنين لما وقفت لك ، وسمعت مسألتك وأجبتك عنها ، وسأنهرك وأغلظ لك فلا تجب ، وعاود المسألة فسأضربك فعاود ، وقل لي أي الحيين أشرف : اليمن أو مضر ؟ فإذا أجبتك فاترك البغلة وأنت حر ، ففعل الغلام ما أمره به ، فقال له قثم : مضر أشرف لأن منها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وفيها كتاب الله ، وفيها بيت الله ، ومنها خليفة الله ، فامتعضت اليمن إذ لم يذكر لها شيئاً ، فقال بعض قوداهم : ليس الأمر كذلك مطلقاً بغير فضيلة ثم قال لغلام له : قم إلى بغلة الشيخ فاكبحها ، ففعل حتى كاد يقعيها ، فامتعضت مضر وقالوا : يفعل هذا بشيخنا وأمر بعضهم غلامه فضرب يد ذلك الغلام فقطعها ، فتفرق الحيان ، ودخل قثم على المنصور ، وافترقت الجند ، فصارت مضر واليمن فرقة والخراسانية فرقة ، فقال قثم للمنصور : قد فرقت بين جندك وجعلتهم أحزاباً ، كل حزب منهم يخاف أن تضربه بالآخر ، وقد بقي في التدبير بقية ، وهي أن تترك ابنك

الصفحة 67