كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 69 """"""
يطلبه في كل وقت بحجة الكتابة ، فخافه أبو أيوب ، ثم إن المنصور أحضره يوماً وأعطاه مالاً ، وأمره أن يصعد إلى الموصل ويحضر والدته ، وأنه إذا رجع وقارب بغداد لقيه المنصور بالعساكر وغيرها ، وأمره أن يكتم حاله ويفارق الديوان مغضباً ، فخرج إلى الديوان فقال له أبو أيوب : ما أبطأك ؟ قال : كنت في حاجة لأمير المؤمنين ، فسأله عما كتب فقال : ما كنت لأذيع سر أمير المؤمنين ، فسبه أبو أيوب فأغلق جعفر دواته ، وقال : والله لا عدت لهذا الديوان أبداً ، وفارقه مغضباً فتوهم منه أبو أيوب ، وتعرف أحواله ووضع عليه العيون ، فقيل له : إن حاله حسنت ، وأنه جدد له مراكيب وسافر ، فبعث في أثره من اغتاله ، فقتل وأحضر إليه ما كان معه ، فرأى في متاعه ما دله على أنه ولد أمير المؤمنين ، فسقط في يده وتوقع السوء ، ولما أبطأ خبره على المنصور بعث إلى الموصل من يسأل عنه ، فقالت أمه : لا علم لي به إلا أنه ببغداد ، يكتب في ديوان أمير المؤمنين ، فأرسل المنصور من قص أثره ، ولم يزل يدقق البحث حتى علم أن قتله من قبل أبي أيوب ، فنكبه هو وأهله .
وفيها غزا الصائفة معيوف بن يحيى ، ووصل إلى حصن من حصون الروم ليلاً وأهله نيام ، فسبى وأسر من كان فيه ، وقصد اللاذقية الخراب فسبى منها ستة آلاف رأس سوى الرجال البالغين .
وحج في هذه السنة المهدي بن المنصور بالناس .
ودخلت سنة أربع وخمسين ومائة .
في هذه السنة سار المنصور إلى الشام وبيت المقدس ، وبعث يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة إلى أفريقية في خمسين ألفاً ، لحرب الخوارج الذين قتلوا عمر بن حفص .
وحج بالناس محمد بن إبراهيم .
ودخلت سنة خمس وخمسين ومائة .
في هذه السنة سير المنصور المهدي لبناء الرافقة ، فسار إليها فبناها على بناء مدينة بغداد ، وعمل للكوفة والبصرة سوراً وخندقاً ، وجعل ما أنفق فيه من أموال أهلهما .

الصفحة 69