كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
وفي سنة ثماني عشرة ومائة : وجه بكير بن ماهان عمار بن يزيد الخزاعي إلى خراسان والياً على شيعة بني العباس ، فنزل مرو وغير اسمه وتسمى بخداش ، ودعا إلى محمد بن علي فسارع إليه الناس وأطاعوه ، ثم غير ما دعاهم إليه وأظهر دين الخرمية ، ورخص لبعضهم في نساء بعض ، وقال لهم إنه لا صوم ولا صلاة ولا حج ، وأن تأويل الصوم أن يصام عن ذكر الإمام فلا يباح باسمه ، والصلاة الدعاء له ، والحج القصد إليه وكان يتأول من القرآن قوله تعالى " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " ، قال وكان خداش نصرانياً بالكوفة فأسلم ولحق بخراسان ، وكان ممن اتبعه على مقالته : مالك بن الهيثم ، والحريش بن سليم الأعجمي وغيرهما ، وأخبرهم أن محمد بن علي أمره بذلك ، فبلغ خبره أسد بن عبد الله فظفر به ، فأغلظ القول لأسد فقطع لسانه وسمل عينيه ، وأمر يحيى بن نعيم الشيباني فقتله وصلبه بآمل .
وفيها مات علي بن عبد الله بن عباس بالحميمية من أرض الشراة بالشام ، وهو ابن ثمان أو سبع وسبعين ، وهو والد محمد الإمام ، وقيل إنه ولد في الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فسماه علياً ، وقال سميته باسم أحب الناس إلي ، وكناه بأبي الحسن ، فلما قدم على عبد الملك بن مروان أكرمه وأجلسه معه على سريره ، وسأله عن اسمه وكنيته فأخبره ، فقال : لا يجتمع هذا الاسم والكنية لأحد في عسكري ، وسأله : هل لك ولد ؟ قال : نعم وقد سميته محمداً ، قال : فأنت أبو محمد . وقيل إنه خلف اثنين وعشرين ولداً .
وفي سنة عشرين ومائة : وجهت الشيعة بخراسان إلى محمد الإمام سليمان بن كثير ، ليعلمه أمرهم وما هم عليه ، وكان محمد قد ترك مكاتبتهم ومراسلتهم ، لطاعتهم لخداش وقبولهم منه ما رواه عنه من الكذب ، فقدم سليمان على محمد فعنفه محمد في ذلك ، ثم صرفه إلى خراسان ومعه كتاب مختوم ، فلم يجدوا فيه إلا البسملة ، فعلموا مخالفة خداش لأمره ، ثم وجه محمد إليهم بكير بن ماهان بعد عود سليمان من عنده ، وكتب إليهم يعلمهم كذب خداش فلم يصدقوه واستخفوا به ، فانصرف بكير إلى محمد ، فبعث معه بعصى مضببة بعضها بحديد وبعضها بنحاس ، فجمع بكير النقباء والشيعة ودفع إلى كل واحد منهم عصى ، فتابوا ورجعوا .

الصفحة 7