كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 70 """"""
قال : وأراد المنصور معرفة عددهم ، فأمر أن يقسم فيهم خمسة دراهم خمسة دراهم ، فلما انحصرت له عدتهم أمر بجبايتهم أربعين درهماً من كل واحد ، فقال شاعرهم :
يا لقوم ما لقينا . . . من أمير المؤمنينا
قسم الخمسة فينا . . . وجبانا الأربعينا
ودخلت سنة ست وخمسين ومائة .
لم يكن في هذه السنة من الحوادث ما نذكره في هذا الموضع . وحج بالناس العباس بن محمد بن علي .
ودخلت سنة سبع وخمسين ومائة .
في هذه السنة بنى المنصور قصره الذي يدعى الخلد . وفيها حول الأسواق إلى الكرخ وتقدم السبب في ذلك وحج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس . وفيها مات عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام .
ودخلت سنة ثمان وخمسين ومائة .
ذكر وفاة أبي جعفر المنصور
كانت وفاته يوم السبت لست خلون من ذى الحجة من هذه السنة ببئر ميمون على أميال من مكة ، قال المؤرخ : ورأى المنصور قبل وفاته بيسير أعاجيب كثيرة ، ومواعظ مؤذنة بوفاته ، منها أنه هتف به هاتف في قصره فسمعه يقول :
أما ورب السكون والحرك . . . إن المنايا كثيرة الشرك
عليك يا نفس إن أسأت وإن . . . أحسنت في اليوم كان ذاك لك
ما اختلف الليل والنهار ولا . . . دارت نجوم السماء في فلك
إلا لنقل السلطان عن ملك . . . قد انقضى ملكه إلى ملك
حتى يصيرانه إلى ملك . . . ما عز سلطانه بمشترك
ذاك بديع السماء والأرض وال . . . مرسي الجبال المسخر الفلك
فلما سمع المنصور ذلك قال : هذا أوان أجلي ، قال الطبري - وقد حكى عبد العزيز بن مسلم قال : دخلت على المنصور يوماً عليه ، فإذا هو باهت لا يحير

الصفحة 70