كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 72 """"""
ما تريد ، وما أظنك تفعل واقطن هذه المدينة وإياك أن تستبدل بها غيرها ، وقد جمعت لك من الأموال ما إن كسر عليك الخراج عشر سنين كفاك ، لأرزاق الجند والنفقات ومصلحة الثغور والذرية ومصلحة البعوث ، فاحتفظ به ، فإنك لا تزال عزيزاً ما دام بيت مالك عامراً ، وما أظنك تفعل وأوصيك بأهل بيتك أن تظهر كرامتهم ، وأن تحسن إليهم وتقدمهم ، وتوطيء الناس أعقابهم وتوليهم المنابر ، فإن عزك في عزهم وذكرهم لك ، وما أظنك تفعل وانظر إلى مواليك وأحسن إليهم وقربهم واستكثر منهم ، فإنهم مادتك لشدة إن نزلت بك ، وما أظنك تفعل وأوصيك بأهل خراسان فإنهم أنصارك ، وشيعتك الذين بذلوا أموالهم ودماءهم في دولتك ، ومن لا تخرج محبتك من قلوبهم ، أن تحسن إليهم وتتجاوز عن مسيئهم وتكافئهم عما كان منهم وتخلف من مات منهم في أهله وولده ، وما أظنك تفعل وإياك أن تبني المدينة الشرقية فإنك لا تتم بناءها ، وأظنك ستفعل وإياك أن تستعين برجل من بني سليم ، وأظنك ستفعل وإياك أن تدخل النساء في أمرك ، وأظنك ستفعل وقيل : إنه قال له إني ولدت في ذى الحجة ، ووليت في ذى الحجة ، وقد هجس في نفسي أن أموت في ذى الحجة من هذه السنة ، فاتق الله فيما أعهد إليك من أمور المسلمين بعدي ، يجعل الله لك فيما كربك وحزبك فرجاً ومخرجاً ، ويرزقك السلامة وحسن العافية من حيث لا تحتسب . يا بني احفظ محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) في أمته يحفظ الله عليك أمورك . وإياك والدم الحرام فإنه حوب عند الله عظيم . وعار في الدنيا لازم مقيم . والزم الحدود فإن فيها صلاحك في العاجل . ولا تعتد فيها فتبور . فإن الله تعالى لو علم شيئاً أصلح منها لدينه وأزجر عن معاصيه لأمر به في كتابه . واعلم أن من شدة غضب الله لسلطانه أمر في كتابه بتضعيف العذاب والعقاب . على من سعى في الأرض فساداً . مع ما ذخره له عنده من العذاب العظيم . فقال تعالى : " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض " الآية . فالسلطان - يا بني - حبل الله المتين وعروته الوثقى ودينه القيم . فاحفظه وحصنه وذب عنه . وأوقع بالملحدين فيه واقمع المارقين منه واقتل الخارجين عنه بالعقاب . ولا تجاوز ما أمر الله به في محكم القرآن . فاحكم بالعدل ولا تشطط . فإن ذلك أقطع للشغب . وأحسم للعدو . وأنجع في الدواء .