كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
فلا يدنون مني أحد ، قال : ولم ير في داره لهو ولا شيء يشبه اللهو والعبث إلا مرة واحدة ، رأى بعض أولاده قد ركب راحلة - وهو صبي ، وتنكب قوساً في هيئة غلام أعرابي ، بين جوالقين فيهما مقل وأراك وما يهديه الأعراب ، فعجب الناس من ذلك وأنكروه ، وعلموا أنه ضرب من عبث الملوك ، قال حماد التركي : كنت واقفاً على رأس المنصور فسمع جلبة ، فقال : انظر ما هذا ؟ فذهبت فإذا خادم له قد جلس وحوله الجواري ، وهو يضرب لهن بالطنبور وهن يضحكن فأخبرته ، فقال وأي شيء الطنبور فوصفته له ، فقال : ما يدريك أنت ما الطنبور فقلت رأيته بخراسان ، فقام المنصور إليهن فلما رأينه تفرقن ، فأمر بالخادم فضرب رأسه بالطنبور حتى تكسر الطنبور ، وباع الخادم .
قال بعض المؤرخين كان المنصور يخضب بالسواد ، وقيل : كان يغير لون شيبه في كل شهر بألف مثقال مسك . قال : وأمر بتوسعة المسجد الحرام من ناحية باب الندوة سنة تسع وثلاثين ومائة ، وبنى مسجد الخيف . وفي أيامه فتحت المولتان والقندهار من أرض السند ، وهدم البد وبنى مكانه مسجد .
وفي أيامه مات أبو حنيفة النعمان بن ثابت في سنة خمس وأربعين ومائة ومات جعفر بن محمد الصادق في سنة ثمان وأربعين ومائة . وقد قدمنا من أخبار أبي جعفر المنصور ، ومن الوقائع التي اتفقت في أيامه وما أنشأه من المدن والعمائر ما فيه الكفاية ، ولا يورد في التواريخ المختصرة أكثر من هذا فلنذكر أخبار من قام بالأمر بعده والله الموفق .

الصفحة 75