كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 76 """"""
ذكر خلافة المهدي
هو أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد المنصور ، وأمه أروى أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن يزيد بن شمر الحميري ، وهو الثالث من الخلفاء العباسيين ، بويع له يوم السبت لست خلون من ذى الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة على ما قدمناه ، وقيل إنه لما مات المنصور خرج الربيع وبيده قرطاس ، ففتحه وقرأه فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف من بني هاشم وشيعته من أهل خراسان وعامة المسلمين ثم بكى وبكى الناس . ثم قال قد أمكنكم البكاء فانصتوا رحمكم الله ثم قرأ : أما بعد فإني كتبت كتابي وأنا حي ، في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة ، وأقريء عليكم السلام ، وأسأل الله ألا يفتنكم من بعدي ولا يلبسكم شيعاً ، ولا يذيق بضعكم بأس بعض ، ثم أخذ في وصيتهم وإذكارهم البيعة له ، وحثهم على الوفاء بعهده . ثم تناول يد الحسن ابن زيد العلوي فقال له : قم فبايع الناس ، فقام إلى موسى بن المهدي فبايعه لأبيه ، ثم بايع الناس الأول فالأول .
ودخلت سنة تسع وخمسين ومائة .
ذكر ظهور المقنع بخراسان وهلاكه
في هذه السنة ظهر المقنع بخراسان ، وكان رجلاً أعور قصيراً من أهل مرو ، وكان يسمى حكيماً ، وكان اتخذ وجهاً من ذهب ، وجعله على وجهه لئلا يرى فسمي المقنع ، وادعى الإلهية ولم يظهر ذلك لجميع أصحابه ، وكان يقول : إن الله خلق آدم فتحول في صورته ، ثم في صورة نوح وهكذا إلى أبي مسلم الخراساني ، ثم تحول إلى هاشم ، وهاشم في دعواه هو المقنع ، ويقول بالتناسخ ، فبايعه خلق من ضلال الناس ، وكانوا يسجدون له من أي النواحي كانوا ، وكانوا يقولون في الحرب : يا هاشم أعنا ، واجتمع إليه خلق كثير ، وتحصنوا في قلعة سام بزده ، وظهرت المبيضة ببخارى والصغد معاونين له ، وأعانه كفار الأتراك وأغاروا على أموال المسلمين ، واجتمعوا بكش