كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 22)
"""""" صفحة رقم 77 """"""
وغلبوا على بعض قصورها فحاربهم أبو النعمان والجنيد وليث بن نصر مرة بعد مرة ، ثم اشتغلوا بقتال المبيضة فقاتلوهم أربعة أشهر ، وهزموهم فلحق منهزموهم بالمقنع ، ثم سير المهدي أبا عون لمحاربة المقنع ، فلم يبالغ في قتاله فعزله واستعمل معاذ بن مسلم ، فسار معاذ في سنة إحدى وستين ومائة في جماعة من القواد والعساكر ، فالتقوا واقتتلوا فهزموا أصحاب المقنع ، فقصد المنهزمون المقنع وهو بسام ، فأصلح خندقها وحصنها ، وأقبل معاذ فحاربهم وكان سعيد الحرشي مع معاذ فنافره ، فكتب الحرشي إلى المهدي في معاذ وضمن له أنه إن أفرده بحرب المقنع كفاه ، فأجابه إلى ذلك وانفرد الحرشي بحربه ، وأمده معاذ بابنه رجاء في جيش وبجميع ما التمس منه ، وطال الحصار على المقنع فطلب أصحابه الأمان سراً منه ، فأجابهم الحرشي فخرج إليه منهم نحو من ثلاثين ألفاً ، وبقي المقنع في ألفين وضايقه العسكر ، فلما أيقن بالهلاك جمع نساءه وأهله فسقاهم السم فأتى عليهم وأمر أن يحرق هو بالنار لئلا يقدر على جثته ، وقيل بل حرق كل ما قلعته من حيوان وغيره ، ثم قال : من أحب أن يرتفع معي في السماء فليلق نفسه معي في هذه النار ، وألقى نفسه مع نسائه وأهله وخواصه فاحترقوا ، ودخل العسكر القلعة فوجدوها خاوية خالية ، وكان ذلك مما زاد في افتتان من بقي من أصحابه ، وقيل بل شرب هو من السم فمات وأنفذ الحرشي رأسه إلى المهدي ، فوصل إليه وهو بحلب في سنة ثلاث وستين ومائة .
نعود إلى بقية حوادث سنة تسع وخمسين . وفيها توفي حميد بن قحطبة عامل خراسان واستعمل المهدي أبا عون عبد الملك . وحج بالناس يزيد بن منصور خال المهدي عند قدومه من اليمن .
ودخلت سنة ستين ومائة .
في هذه السنة : خرج يوسف بن إبراهيم المعروف بالبرم بخراسان منكراً سيرة المهدي ، واجتمع معه بشر كثير ، وتوجه إليه يزيد بن مزيد الشيباني وهو ابن أخي معن بن زائدة ، فاقتتلا حتى صارا إلى المعانقة فأسره يزيد ، وبعث به إلى المهدي وبعث معه بوجوه أصحابه ، فقطعت يدا يوسف ورجلاه ، وقتل هو وأصحابه وصلبوا على الجسر ، وقيل إنه كان حرورياً وأنه تغلب على بوشنج - وعليها مصعب بن زريق فهرب منه ، وتغلب أيضاً على مرو الروذ والطالقان والجوزجان .